للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِبَاحَةَ إِلَّا فِي التَّوْقِيتِ، فَإِنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ شَرْعًا لِمُنَاسَبَتِهِ لِلشَّرْعِ، وَمَنْ فَهِمَ مِنَ الْعَدَدِ أَنَّهُ شَرَعَ الْإِبَاحَةَ قَالَ بِالتَّوْقِيتِ، إِمَّا عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ، وَإِمَّا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَكلُّهُ وَاسِعٌ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ-، وَلَيْسَ فِيهِ شَرْعٌ مَحْدُودٌ).

لكن الاقتصار على ما جاءت به السُّنَّة أَوْلَى.

(وَلَعَلَّهُ تَكَلُّفُ شَرْعٍ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ شَرْعٌ، وَقَدْ كُفِّنَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ بِنَمِرَةٍ، فَكَانُوا إِذَا غَطَّوْا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّوْا بِهَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ" (١)).

قد يعترض على هذا من يرى وجوب الأثواب الثلاثة، ويعلله بأنه كُفن في ثوب واحد لعدم استِطَاعتهم ما هو أكثر، فشأنُ مصعب -رضي اللَّه عنه- لا يعدُّ دليلًا قاطعًا في المسألة. وعلى أي حال فإن الاقتصار على ثوب واحد جائز.

* قوله: (وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ يُغَطَّى رَأْسُهُ وَيُطَيَّبُ (٢)، إِلَّا الْمُحْرِمَ إِذَا مَاتَ فِي إِحْرَامِهِ).

الميت إذا كُفِّن يُغطى رأسه، ويطيب ويوضع الحنوط في كفنه، لكن المُحْرِمَ تختلف حاله؛ لما ورد في الحديث من قصة الرجل الذي وَقَصَتْهُ دابته، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تَمَسُّوهُ بِطِيب، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ -وفي رواية: "ولا وجهه"- وَلَا تُحَنِّطُوهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبيًا".


(١) أخرجه البخاري (٤٠٤٧).
(٢) يُفهم هذا الإجماع من نحو قول ابن المنذر في "الأوسط" (٥/ ٣٤٤)؛ حيث قال: "اختلف أهل العلم في تخمير رأس المحرم الميت، وتطييبه، فقالت طائفة: يصنع به كما يصنع بسائر الموتى".

<<  <  ج: ص:  >  >>