للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا دليلٌ على الإسراع بالجنازة، لكن المراد بالإسراع في المَشْي ليس الركض أو الرمل بها كما قال بعض العلماء.

ولا يفهم منه أن المراد أن يتجاوز ذلك الإسراع إلى حدِّ الرَّكْض أو ما شابه، فهذا مما قد تتضرر به الجنازة، ومن يحمِلُها، ويتضرر من يمْشِي معها وقد يشق على الناس متابعة الجنازة والمَشْي معها على هذا الحال، فليس المراد أن يرُكض بها وإنما الإسراعُ في المشْي.

ثم المسألة التي ذكر المؤلف، موضع الماشي مع الجنازة، هل يُمشَى أمام الجنازة أو خَلفها، هل ثمَّ فرقٌ بين الماشي والراكب، فيمشي الراجل أمام الجنازة والراكب يمشي خلفها، أو أنه لا بأس أن يُمشى أمامها وخلفها وعن يمينها وعن يسارها.

هذا كله وردت فيه أحاديث، لكن أكثر الأحاديث الواردة وأصحها هو المَشْي أمام الجنازة، من ذلك حديث عبد اللَّه عمر الذي قال فيه: رأيت رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا بكرٍ وعمر يمشُونَ أمام الجنازة.

وورد في أحاديث أُخرى أن الجنازة تابعةٌ غير متبوعة، وإذا كانت تابِعَةً غير متبوعة فالمشي يكون خلفها، ويقيسون ذلك على الإمام، فالإمام يُتبع ولا يتقدمه أحد، فينبغي للناس أن يمشُوا وراء الجِنازةِ.

وورد في حديثٍ آخر: "فضلُ الماشِي خلْفَ الجنازةِ على الماشِي أمامَها كفضل المكتوبة على صلاة التطوع" (١)، وفي رواية: "كفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ" (٢).

وقد صحت الأحاديث في المشي خلفها وعن يمينها وعن شمالها، لكن أكثر الأحاديث وأصرحها هي أحاديث المشي أمامها، لذلك نقول: الأفضل أن يُمشى أمام الجنازة، فإن مشى خلفها وعن يمينها وعن شمالها فلا بأس.


(١) سيأتي تخريجه.
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٦٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>