للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَذَهَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (١) إِلَى أَنَّ مِنْ سُنَّتِهَا الْمَشْيَ أَمَامَهَا).

يعني بأهل المدينة مالكًا وأصحابه، وهو كذلك مذهب الشافعي وأحمد رحمهم اللَّه. فمذهب الجمهور هو استحباب المشي أمام الجنازة.

(وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢) وَسَائِرُهُمْ: إِنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا أَفْضَلُ).

إذا قيل الكوفيون فيدخل فيهم التابعي إبراهيم النخعي وكذلك حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة، لكن غالبًا ما يُنص على الحنفية؛ لأن لهم مذهبًا فقهيًّا قد اشتُهر ودُوِّنَ وعُرف.

(وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُ الآثَارِ الَّتِي رَوَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ عَنْ سَلَفِهِ وَعَمِلَ بِهِ).

الأحاديث في هذه المسألة كثيرة، وقد عرض المؤلف بعضًا منها.


(١) هو مذهب المالكية، يُنظر: "المدونة" (١/ ٢٥٣)؛ حيث فيها: "قلت لمالك: فالمشي أمام الجنازة؟ قال: قال مالك: المشي أمام الجنازة هو السُّنَّة".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الأم" للشافعي (١/ ٣١٠)؛ حيث قال: " (قال الشافعي): والقول في أن المشي أمام الجنازة أفضل مشى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمامها، وقد علموا أن العامة تقتدي بهم، وتفعل فعلهم، ولم يكونوا مع تعليمه العامة نعلمهم يدعون موضع الفضل في أتباع الجنازة، ولم نكن نحن نعرف موضع الفضل إلا بفعلهم، فإذا فعلوا شيئًا وتتابعوا عليه كان ذلك موضع الفضل فيه، والحجة فيه من مشي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أثبت من أن يحتاج معها إلى غيرها".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للماوردي (٦/ ٢٠٥)؛ حيث قال: "وأن يكون المشاة أمامها. يعني، يستحب ذلك. وهذا المذهب، وعليه أكثر الأصحاب".
(٢) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٢/ ٢٢١)، حيث قال: "قال أبو جعفر: (المشي خلف الجنازة أفضلِ من المشي أمامها، وكل ذلك مباح): قال أبو بكر: وذلك لما رواه عبيداللّه بن زَحْر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قال: قال أبو سعيد الخدري لعلي -رضي اللَّه عنهما-: "يا أبا الحسن! أخبرني عن المشي مع الجنازة، أي ذلك أفضل: المشي أمامها أم خلفها؟ فقال علي -رضي اللَّه عنه-: إن فضل المشي خلفها على المشي أمامها، كفضل صلاة المكتوبة على التطوع. قال: يا أبا الحسن! أبرأيك تقول أم شيء سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ قال: بل شيء سمعته من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".

<<  <  ج: ص:  >  >>