للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَرَوَى مَالِكٌ عَنِ النَّبِيِّ -عليه الصلاة والسلام- مُرْسَلًا الْمَشْيَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (١)، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٢)).

هذا الذي ذكره المؤلف مرسلًا عن مالك جاء موصولًا عند غيره، أصحاب السنن وغيرهم.

(وَأَخَذَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِمَا رَوَوْا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَلِيٍّ فِي جَنَازَةٍ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، وَهُوَ يَمْشِي خَلْفَهَا، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَمْشِيَانِ أَمَامَهَا).

في الكلام تقدير، فهذا الذي أخذ علي بن أبي طالب بيده رأى عليًا -رضي اللَّه عنه- يمشي خلف الجنازة، وكون هذا مخالف لفعل الشيخين -رضي اللَّه عنهما- من المشي أمامها؛ فأشكل عليه ذلك فسأل عليًّا -رضي اللَّه عنه-.

(فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّ فَضْلَ الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الْمَاشِي أَمَامَهَا كَفَضْلِ صَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ، وَإِنَّهُمَا لَيَعْلَمَانِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمَا سَهْلَانِ يُسَهِّلَان عَلَى النَّاسِ (٣)).

يعني أنَّ المشي أمامها فيه وتيسير وتخفيف على الناس؛ فأرادا -رضي اللَّه عنهما- أن يُسهِّلا على الناس.

أما علي -رضي اللَّه عنه- اختار أن يمشي خلفها، وفي كلِّ سعةٌ والحمد للَّه، لكنَّ الأَوْلى والأفضل هو ما فعله الشيخان، وهو ما ذهب إليه أكثر العلماء من المشي أمامها.


(١) أخرج مالك في "الموطأ" (١/ ٢٢٥): عن مالك، عن ابن شهاب: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا "يمشون أمام الجنازة"، والخلفاء هلم جرًّا، وعبد اللَّه بن عمر.
(٢) سبق توثيقه.
(٣) أخرجه أحمد (٧٥٤)، وقال الأرناؤوط: "حسن لغيره".

<<  <  ج: ص:  >  >>