يُذكِّر علي -رضي اللَّه عنه- مُحَدِّثَه بأمر من أهم الأمور في اتباع الجنائز، وهو الاتعاظ والاعتبار من هذا الموقف المهيب، الجنازة بارزة على الأكتاف، يسار بها إلى القبر، وقد أفضى صاحبها إلى ما قدَّم، وغدا -ولا بد- يصير مشيعها إلى نفس المصير، ويكون مكان صاحب الجنازة. كما قال أبو ذؤيب الهذلي:
فكل واحد سيدركه الموت يومًا من الدهر مهما تباعد ذلك اليوم، ومهما مضت به السنون، ومهما عُمِّرَ في هذه الحياة، قال اللَّه -تبارك وتعالى-: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} [الرحمن: ٢٦ - ٢٧]، وقال:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[آل عمران: ١٨٥].
فينبغي للإنسان أن يجعل من هذه الجنازة التي أمامه عبرة وعظة وتذكيرًا، يتذكر سيرته في الحياة؛ ماذا قدم من عمل صالح يُقابل به ربه -تبارك وتعالى- في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلا من أتى اللَّه بقَلْبٍ سليم.
هل أدى الحقوق المأمور بأدائها إلى مستحقيها، هل أحسن إلى الخلق المأمور بالإحسان إليهم، هل تحمل مظلمة أو أساء أو تعَدَّى أو بغى عَلَى الخلقِ.
فإن أحسن فليحمد اللَّه على توفيقه وليستَزِدْ من هذا الإحسان، وإن