للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَابِعَةٍ، وَلَيْسَ مَعَهَا مَنْ يُقَدِّمُهَا" (١)، وَحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "الرَّاكِبُ يَمْشِي أَمَامَ الْجَنَازَةِ، وَالْمَاشِي خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا وَعَنْ يَمِينِهَا أو عن يَسَارِهَا قَرِيبًا مِنْهَا" (٢)).

هنا مسألة أيضًا لم يذكرها المؤلف نعْرِضُ لها، وهي أن يتبع الجنازة راكبًا، بعض العلماء قالوا: يُكره أن يتبَعَ الإنسانُ الجنازة رَاكبًا، وقد أنكر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على من رآه رَاكبًا؛ لأن الملائكة -وهم عباد اللَّه المكرمون- يمشُونَ في الجنازة، ولذا كان فِعْلُه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو اتباع الجنائز ماشيًا، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه ركب لما رَجَع منها، فللإنسان أن يركب إذا عاد منها، لكن حال اتِّبَاعها ينبغي للإنسان أن يتْبَعَها ماشيًا، فذلك أعون له على التواضع وتذكر ما ينبَغِي عليه تذكره في هذا الموقف العظيم، من الاستكثار من الصالحات، وترك المحرمات، والتَّنَزُّه عن المخالفات، وما أشبه من الاستعداد لمثل ذلك اليوم المهيب.

ويتذكر أحوال الآخرة، والقيام بين يدي الرب -تبارك وتعالى-، حيث إلجام الناس بالعرق، والمرور على الصراط، وشفاعة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأمته، يتذكر أن ثَمَّ مِيزانًا وكتابًا لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، وأن المرء سيُسأل عن كل شيءٍ، فإن كان قد عمل خيرًا فيجده أمامه، وإن وجد شرًّا فلا يلومن إلا نفسه.

(وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا فِي الْمَعْنَى قَالَ: "امْشُوا خَلْفَ الْجَنَازَةِ" (٣)، وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ صَارَ إِلَيْهَا الْكُوفِيُّونَ وَهِيَ أَحَادِيثُ يُصَحِّحُونَهَا وَيُضَعِّفُهَا غَيْرُهُمْ (٤)).


(١) أخرجه أبو داود (٣١٨٤)، وقال الأرناؤوط: "إسناده ضعيف".
(٢) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٤٢).
(٣) يُنظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٢/ ٩٩)؛ حيث قال: "وقد روي في هذا الباب حديث هو عندهم منكر من حديث جريج بن معاوية أخي زهير بن معاوية، عن كنانة مولى صفية، عن أبي هريرة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "امشوا خلف الجنازة".
(٤) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٣/ ٢١)؛ حيث قال: "فهذا ما جاء من الآثار =

<<  <  ج: ص:  >  >>