للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء لأمرٍ يخدش في عقيدة هؤلاء، إذن "صلُّوا خلفَ مَنْ قال: لا إله إلا اللَّه"، و"عَلَى مَنْ قال: لا إله إلا اللَّه". هَذَا الحديث ورَد من عدة طرق (١)، وكلها لا تخلو من مقالٍ (٢)، لكن لو صحَّ هذا الحديث، لكان رافعًا للنزاع في هذه المسألة: "صلُّوا على مَنْ قال: لا إله إلا اللَّه"، فلَمَّا لم يصحَّ هذا الحديث، كثر الخلاف بين العلماء: هل يصلَّى على أهل الكبائر أو لا يصلى عليهم؟

* قوله: (وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ الكَبَائِرِ أَمْ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ).

وبداية الحديث: "صَلُّوا خَلْفَ مَنْ قال: لا إله إلا اللَّه" (٣)، وفي هذا دليلٌ على أنه يُصلَّى خلف الفاسق، وهذا هو الذي أخذ به الشافعية (٤)، وقد رجحنا هذا في كتاب الصلاة، لكن الفسق يختلف أيضًا، فليس الفساق على درجة واحدة؛ لأن الفسق قد يكون فسقًا عقديًّا، فحالته تختلف، ولذلك نجد أن الصلاة خلف الفساق تختلف، قد يقتضي المقام أن تصلي خلف الفاسق حتى لا يحصل خلافٌ وتفتيتٌ لكلمة المسلمين، وإن كان الأَوْلَى أن تختار الصلاة خلف إمام غير فاسق (٥).

وَأَهْلُ الكَبائر هم أصحاب الكبائر المعروفة، واختلفَ العُلَمَاءُ في


(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١٠/ ٣٢٠)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢/ ٤٤٧)، وذكره ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/ ٤٢٠).
(٢) يُنظر: "سنن الدارقطني" (٢/ ٤٠٣). حيث قال: "وليس فيها شيء يثبت".
(٣) أخرجه الدارقطني (٢/ ٤٠٣)، عن علي، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أصل الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر، والجهاد مع كل أمير ولك أجرك، والصلاة على كل من مات من أهل القبلة".
(٤) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٢/ ١٧٩ - ١٨٠). حيث قال: " (والعدل. . أولى) بالإمامة (من الفاسق)،. . وإنما صحت لخبر الشيخين أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج، قال الإمام الشافعي: وكفى به فاسقًا. وتكره خلفه وخلف مبتدع لا يكفر ببدعته".
(٥) تقدم الكلام على هذه المسألة، عند قول المؤلف: "فِي مَعْرِفَةِ شُرُوطِ الإِمَامَةِ. المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ الفَاسِقِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>