للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد اللَّه بن عباس حتى يقدِّموا عليه الحديث الأول الذي رواه أبو داود، ولا شك أن حديث: "لم يُغسَّلوا، ولم يصلَّ عليهم"، أصح وأقوى من تلك التي ورد فيها الصلاة والغسل.

* قَالَ: (وَكَانَ قَدِ اخْتَلَّ آخِرَ عُمُرِهِ، وَقَدْ كَانَ شُعْبَةُ يَطْعَنُ فِيهِ. وَأَمَّا المَرَاسِيلُ فَلَيْسَتْ عِنْدَهُمْ بِحُجَّةٍ).

ومَسْألة الاحتجاج بالمرسل من عدمه إنما هي مسألة خلافية، فالشافعيَّة لا يحتجُّون بالمرسل (١)، وبعض العلماء يحتجُّون به (٢)، لكن لدينا حديث صحيح في هذه المسألة فيقدم، ولذلك نقول: الراجح في هذه المسألة هو أن الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل، ولا يصلى عليه.

قال رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَاخْتَلَفُوا مَتَى يُصَلَّى عَلَى الطِّفْلِ)؟

وَالمؤلِّف يقصد بذلك الطفل عمومًا، فهل يُصلَّى على الطفل إذا


(١) يُنظر: "الرسالة" للشافعي (١/ ٤٦٥ - ٤٦٦). حيث قال: "ومن نظر في العلم بخبرة وقلة غفلة، استوحش من مرسل كل من دون كبار التابعين، بدلائل ظاهرة فيها، قال: فلم فرقت بين التابعين المتقدمين الذين شاهدوا أصحاب رسول اللَّه، وبين من شاهد بعضهم دون بعض؟ فقلت: لبعد إحالة من لم يشاهد أكثرهم. . . ".
(٢) وهم الحنفية والمالكية ورواية عند الحنابلة، ولمذهب الحنفية، يُنظر: "كشف الأسرار" لعلاء الدين البخاري (٣/ ٢). حيث قال: "وأما إرسال القرن الثاني والثالث فحجة عندنا، وهو مذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وأكثر المتكلمين".
لمذهب المالكية، يُنظر: "شرح تنقيح الفصول" للقرافي (٣٧٩). حيث قال: "المراسيل عند مالك وأبي حنيفة وجمهور المعتزلة حجة، خلافًا للشافعي؛ لأنه إنّما أرسل حيث جزم بالعدالة فيكون حجة".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "روضة الناظر" لابن قدامة (١/ ٣٦٥). حيث قال: "فأما مراسيل غير الصحابة، وهو أن يقول: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من لم يعاصره، أو يقول: قال أبو هريرة من لم يدركه: ففيها روايتان:
إحداهما: تقبل، اختارها القاضي. وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، وجماعة من المتكلمين والأخرى: لا تقبل، وهو قول الشافعي، وبعض أهل الحديث وأهل الظاهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>