للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في حديث آخر: "اللَّه إذْ خَلَقهم أعلَم ما كَانوا عليه" (١).

وقَدْ سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات مرة عن أبناء المشركين؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "اللَّه إذ خلقهم أعلم ما كانوا عليه" (٢).

وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعلم ما كان، وما يكون، وما لم يكن أنه لو كان كيف يكون، ولذلك يقول اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عن أهل النار عندما يُلْقَون في نار جهنَّم، فيطلُبُون من اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يُرَدُّوا إلى هذه الحياة ليعملوا عملًا صالحًا، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ فيهم: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}، يقولون: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨)} [الأنعام: ٢٧ - ٢٨].

إذن، جَاء في الحديث الذي أخرجه مسلم: "اللَّه إذ خلقهم أعلم ما كانوا عليه" (٣)؛ أي: اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يعلم ما سَيَكونون عليه من أعمال فيما لو بقوا في هذه الحياة.

وَفِي حَدِيثٍ آخرَ: "هُمْ مع آبَائهم" (٤)، أيْ: يأخذون حكم آبائهم.

وجَاء في حديثٍ ثالثٍ لكنه ضعيف، ولو صح هذا لرفع النزاع؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما سُئِلَ عنهم تلا الآية: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]، "هم على الفطرة" (٥)، لكن هذا ضعيف.


(١) أخرجه مسلم (٢٦٦٠)، عن ابن عباس، قال: سئل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن أطفال المشركين، قال: "اللَّه أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم".
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٦٠).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٦٠).
(٤) تقدم قريبًا.
(٥) أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" ١٨/ ١١٧ من طريق أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة، قالت: سألت خديجة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أولاد المشركين، فقال: "هم مع آبائهم". ثم سألته بعد ذلك، فقال: "اللَّه أعلم بما كانوا عاملين". ثم سألته بعدما استحكم الإسلام، فنزلت {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]، وقال: "هم على الفطرة، أو قال: في الجنة".
قال الحافظ في "الفتح" ٣/ ٢٤٧: أبو معاذ هو سليمان بن أرقم وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>