للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذه المسألة فيها كلامٌ كثيرٌ، وهي تدرس في مباحث العقيدة فيما يتعلق بأطفال المشركين (١)، والمؤلف عرض لها هنا لعلاقتها بالصلاة؛ لأن علوم الشريعة الإسلامية هي بمثابة شجرة ذات أغصان، فأصلها الثابت هو كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ، وسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصلُ هذه العقيدة الصحيحة الإيمان الذي بَيَّنه رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حديث جبريل، وَبيَّنه اللَّه تعالى في كتابه، ثم تأتي بعد ذلك بقيَّة العبادات بمثابة أغصان هذه الشجرة التي تَتَغذَّى من هذا الأصل، فكل إنْسَانٍ يطرح هذه العقيدة وراءه مهما أخلص في صلاته، ومهما أدَّى زكاته، ومهما أحسن صيامه، ومهما أدى فريضة الحج، ما دامت عقيدته فاسدةً؛ فإن ذلك لا ينفعه؛ لأن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول عن الكفار: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان: ٢٣].

إذن، ينبغي للمسلم دائمًا أن يصلح الأساس، ثم بعد ذلك يبني على هذا الأساس تلك الفروع، ويخطئ مَنْ يرى أنه ينبغي أن يُجْمع المسلمون حول كلمة (إسلام) فقط، ولا ينبغي أن يركز على أمر العقيدة، ونسوا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمضى بمكة ثلاثة عشر عامًا يدعو الناس إلى توحيد اللَّه، ويدعو الناسَ إلى عبادة اللَّه وحده لا شريك له، ويحارب الأصنام والأوثان، ويدعو الناس إلى إخلاص التوحيد وتجريده مما علق به أيضًا من شوائب، إذن يُصْلَح الأصل، ثم بعد ذلك تتبعه فروع الشريعة الإسلامية.

* قَالَ: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُهُمْ فِي أَطْفَالِ المُشْرِكينَ، هَلْ هُمْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ وَذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ الآثَارِ أَنَّهُمْ مِنْ آبَائِهِمْ (٢)).

وَروَايَة: "مِنْ آبَائِهِمْ" لا أحفظها، لكن أحفظ الحديث: "هُمْ مَعَ


(١) ونقل ابن القيم فيهم ثمانية مذاهب، ويُنظر: "طريق الهجرتين" لابن القيم (٣٨٧ - ٤٠٢).
(٢) تقدم تخريجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>