للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا" (١) فأي مكان صُلِّي فيه عدا الأماكن السبعة التي مُنع أو كُرهت الصلاة فيها فإنه يُصلَّى فيها.

* قوله: (وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ سَبَبَ المَنْعِ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّ مَيِّتَ بَنِي آدَمَ مَيْتَةٌ وفِيهِ ضَعْفٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ المَيْتَةِ شَرْعِيٌّ، وَلَا يَثْبُتُ لِابْنِ آدمَ حُكْمُ المَيْتَةِ إِلَّا بِدَلِيلٍ).

وهذا كلامٌ ضعيف جدًّا؛ لأن المسلم لا ينجُس (٢)، كما جاء في الحديث الصحيح؛ إلى جانب أنه لا دليل شرعيٌّ على كون ميت ابن آدم له حكم الميتة، فميت ابن آدم ليس بنجس (٣).


(١) أخرجه البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١).
(٢) جزء من حديث أخرجه البخاري (٢٨٣)، ومسلم (٣٧١).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار"، للموصلي (١/ ١٥)؛ حيث قال: "كالآدمي الميت إذا وقع في الماء ينجسه؛ لأنه تنجس بالموت. وإن وقع بعد الغسل فكذلك إن كان كافرًا، وإن كان مسلمًا لا ينجسه؛ لأنه لما حكم بجواز الصلاة على المسلم حكم بطهارته ولا كذلك الكافر فافترقا".
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير"، للشيخ الدردير (١/ ٥٣ - ٥٤)؛ حيث قال: " (أو) كان (آدميًّا) ضعيف (والأظهر) عند ابن رشد وغيره كاللخمي والمازري وعياض وغيرهم وهو المعتمد الذي تجب به الفتوى (طهارته) ولو كافرًا على التحقيق، (و) النجس (ما أبين)؛ أي: انفصل حقيقة أو حكمًا بأن تعلق بيسير لحم أو جلد بحيث لا يعود لهيئته (من) حيوان نجس الميتة (حي وميت) الواو بمعنى أو فالمنفصل من الآدمي مطلقًا طاهر على المعتمد".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (١/ ٢٣١)؛ حيث قال: "أما الآدمي فإنه لا ينجس بالموت على الأظهر لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} وقضية التكريم ألا يحكم بنجاسته بالموت وسواء المسلم وغيره. وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} فالمراد به نجاسة الاعتقاد أو اجتنابهم كالنجس لا نجاسة الأبدان".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ١٩٣)؛ حيث قال: " (ولا ينجس الآدمي ولا طرفه، ولا أجزاؤه) كلحمه وعظمه وعصبه (ولا مشيمته) بوزن فعيلة - كيس الولد (ولو كافرًا بموته) لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ولقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن المسلم لا ينجس" متفق عليه من حديث أبي هريرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>