للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة وتفصيل القول فيها، وسبق ذكر المرأة التي طلب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من أصحابه أن يُخبروه إذا ماتت، فأُخرجت جنازتها ليلًا، فلم يُوقظوا رسول اللَّه تأدبًا معه -عليه الصلاة والسلام- وخشية إيذائه؛ فلما أصبح أخبروه بالذي كان من شأنها، فأنكر عليهم وقال: "ألم أقل لكم آذنوني؟ " فاعتذروا له بأنهم كرهوا أن يوقظوه ويخرجوه ليلًا. فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى صف بالناس على قبرها (١).

فالحديث صحيح وثابت، ولقد استدل به من أجاز بناء المساجد على المقابر، وكذلك قد استدل بعمومِ حديث: "جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا" (٢).

إذن ثبت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى على جنازة في المقبرة (٣)، لكن العلماء فصَّلوا القول -كما مر ذكره-.

فمنهم من قال: لا يُصلِّي على من لم يُدرك الصلاة عليه في المقبرة إلا الولي. وهو مذهب الحنفية (٤) كما سبق ذكره.


(١) أخرجه النسائي (١٩٦٩) عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: اشتكت امرأة بالعوالي مسكينة، فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يسألهم عنها، وقال: "إن ماتت فلا تدفنوها حتى أصلي عليها"، فتوفيت، فجاؤوا بها إلى المدينة بعد العتمة، فوجدوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نام، فكرهوا أن يوقظوه، فصلوا عليها ودفنوها ببقيع الغرقد، فلما أصبح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جاؤوا فسألهم عنها، فقالوا: قد دفنت يا رسول اللَّه، وقد جئناك فوجدناك نائمًا فكرهنا أن نوقظك، قال: "فانطلقوا"، فانطلق يمشي ومشوا معه حتى أروه قبرها، فقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وصفوا وراءه، فصلى عليها وكبر أربعًا. وصححه الألباني.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم.
(٤) يُنظر: "الدر المختار"، للحصكفي وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٢/ ٢٢٢ - ٢٢٣)، حيث قال: " (فإن صلى غيره)؛ أي: الولي (ممن ليس له حق التقديم) على الولي (ولم يتابعه) الولي (أعاد الولي) ولو على قبره إن شاء لأجل حقه لا لإسقاط الفرض؛ ولذا قلنا: ليس لمن صلى عليها أن يعيد مع الولي لأن تكرارها غير مشروع".

<<  <  ج: ص:  >  >>