للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن الآداب التي ينبغي أن تراعى مع الأموات ألا تجصص قبورهم، ولا يبنى عليها، ولا يجلس عليها، وقد ثبت في "صحيح مسلم" (١) عن جابر قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه".

وقد جاء الحديث بروايات متعددة، لا تُجصَّص القبور، ولا يُبنى عليها، ولا يُقعد عليها.

وفي بعض الروايات: النهي عن الكتابة عليها، لكن ليس في صحيح مسلم، وإنما عند النسائي (٢) وغيره (٣).

وبناءً على هذا فليس مالك وحده الذي كره تجصيص القبور، وإنما عامة العلماء كرهوا ذلك (٤)؛ لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن ذلك،


(١) أخرجه مسلم (٩٧٠).
(٢) أخرجه النسائي (٢٠٢٧) عن جابر قال: "نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يبنى على القبر، أو يزاد عليه، أو يجصص أو يكتب عليه".
(٣) أخرجه الترمذي (١٠٥٢)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (٧٥٧).
(٤) مذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (رد المحتار) (٢/ ٢٣٧)؛ حيث قال: " (قوله: ولا يجصص)؛ أي: لا يطلى بالجص -بالفتح ويكسر- "قاموس" (قوله: ولا يرفع عليه بناء)؛ أي: يحرم لو للزينة، ويكره لو للإحكام بعد الدفن، وأما قبله فليس بقبر إمداد. وفي "الأحكام" عن "جامع الفتاوى": وقيل: لا يكره البناء إذا كان الميت من المشايخ والعلماء. . . هذا في غير المقابر المسبلة كما لا يخفى (قوله: وقيل: لا بأس به. . . إلخ) المناسب ذكره عقب قوله: ولا يطين. . . أن تطيين القبور مكروه والمختار أنه لا يكره. اهـ. . . وعن أبي حنيفة: يكره أن يبني عليه بناء من بيت أو قبة أو نحو ذلك".
مذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الدسوقي" (١/ ٤٢٤)؛ حيث قال: " (قوله: وتطيين قبر أو تبييضه) أكثر عباراتهم في تطيينه من فوق ونقل ابن عاشر عن شيخه أنه يشمل تطيينه ظاهرًا وباطنًا وعلة الكراهة ما ورد عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا طين القبر لم يسمع صاحبه. . . "".
مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٢/ ٥٤)؛ حيث قال: " (ويكره تجصيص القبر)؛ أي: تبييضه بالجص، وهو الجبس وقيل: الجير، والمراد هنا هما أو أحدهما (والبناء) عليه كقبة أو بيت للنهي عنهما في "صحيح مسلم"، وخرج بتجصيصه تطييبه، فإنه لا بأس به كما نص عليه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>