للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي زكَّاه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبيَّن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فضله، فما بالكم بغيره من الخلق؟!

فإذا كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يفعلوا أمرًا من تلكمُ الأمور، فلا ينبغي أن نفعل غير فعلهم؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أمرنا باتباعهم فقال: "عليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدين المَهْدِيين، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ". رواه ابن ماجه (١).

ويقول الصحابي الجليل عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "من كان مستنًّا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تُؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا" (٢).

فهذه الأمور التي أحدثت بين المسلمين، من عاداتٍ وتقاليد، وبدع وخرافات ومنكرات وشرك، إنما أدخلها مَن يتربصون بالمسلمين الدوائر؛ ليُفسدوا على المؤمنين عقيدتهم؛ لأن أعداء الإسلام يعلمون أنهم لا يستطيعون أن يقفوا في وجه الأمة الإسلامية ما دامت متمسكةً بكتاب اللَّه -عزَّ وجلَّ-، وبسنة رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكن المسلمين تقع سُلطتهم عندما يخرجون عن كتاب اللَّه؛ فهم يبدؤون أولًا في بذر بذرة الخلاف بينهم.

ولعلكم تتذكرون ما وقع أيام غزو التتار في عاصمة الخلافة الإسلامية، كان الخلاف بين المسلمين قائمًا على أشُدِّه، وأعداؤهم


(١) أخرجه ابن ماجه (٤٢)، وصححه الألباني في "المشكاة" (١٦٥).
(٢) أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (٢/ ٩٤٧) عن ابن مسعود: "من كان منكم متأسيًا فليتأس بأصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبًا وأعمقها علمًا وأقلها تكلفًا. . . ". وضعفه الألباني في "مشكاة المصابيح" (١٩٣)، واستشهد به في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (٦/ ٣٠٩).
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٣٠٥) عن ابن عمر بلفظ: "من كان مستنًّا فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا. . . ".

<<  <  ج: ص:  >  >>