للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسوِّرون بغداد، وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه؛ فلما ذاقوا كأس الموت، وأدركوا أنهم قصَّروا في جنب اللَّه، ووُجد من العلماء من دعاهم إلى طريق الحق، وبيَّن لهم طريق الرشاد، وعادوا إلى دين اللَّه، فعاد لهم النصر والمجد، وأصبحت لهم السُّلطة والمكانة، وصار أعداؤهم الذين أذاقوهم كأس الموت ذاقوه بشكلٍ أمرَّ مما أذاقوهم إياه، وأعاد اللَّه للمسلمين دولتهم وشوكتهم وقوتهم.

وهكذا كلما تمسك المسلمون بكتاب اللَّه، وسنة رسوله؛ وعملوا بشريعته عزَّ وجلَّ، لا شك أن النصر سيكون معهم، قال اللَّه عزَّ وجلَّ: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: ٧].

وقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١].

* قوله: (وَكرِهَ مَالِكٌ (١) وَالشَّافِعِيُّ (٢) تَجْصِيصَ القُبُورِ).

وكذلك أحمد (٣) رَحِمَهُ اللَّهُ كَرِه ذلك.

* قوله: (وَأَجَازَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَة (٤)).

لا شكَّ أن المؤمن له حُرمة، فإذا كان حيًّا فإنك لا تجلس عليه، وحُرمة أمواتنا كحرمة أحيائنا، وكسر عظم الميت ككسر عظم الحي (٥)؛ ولذلك لا ينبغي أن يُجلس على القبور.

لكن من العلماء من علَّل جواز الجلوس على المقبرة بأن الجلوس


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.
(٤) تقدم.
(٥) معنى حديث أخرجه أبو داود (٣٢٠٧) عن عائشة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كسر عظم الميت ككسره حيًّا". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٧٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>