للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قولًا وفعلًا؛ فنحن عندما نقبل الحجر نكون مقتدين برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، لكننا عندما نتمسح بقبور الأموات، أو بالحجارة التي بُنيت عليها، أو بالقباب، أو يذهب البعض إلى المشاهد التي أُحدثت في الإسلام، هذه كلها خروج عن دين اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقد وضع لنا الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثًا قاعدة فقال: "مَن أحدَث في أمرِنا ما ليسَ فيهِ فهوَ ردٌّ". رواه البخاري ومسلم (١). "من عمل عملًا ليس عليْهِ أمرُنا فهو ردٌّ". رواه مسلم (٢).

فكل عمل يخرج عن هدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعمَّا كان عليه أصحابه فهو مردودٌ على صاحبه، لا يُقبل منه صرفًا ولا عدلًا.

* قوله: (وَكَذَلِكَ كَرِهَ قَوْمٌ القُعُودَ عَلَيْهَا، وَقَوْمٌ أَجَازُوا ذَلِكَ).

الذين كرهوا القعود على المقبرة هم الأئمة الثلاثة (٣)، والذين أجازوا


(١) أخرجه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٧١٨/ ١٨).
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "البناية شرح الهداية"، للعيني (٣/ ٢٥٩)؛ حيث قال: "وكره أبو حنيفة أن يبنى على القبر أو يوطأ عليه، أو يجلس عليه، أو ينام عليه، أو يقضى عليه حاجة الإنسان من بول أو غائط، أو يعلم بعلامة، أو يصلى إليه، أو يصلى بين القبور". مذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٢/ ٤٠ - ٤١)؛ حيث قال: " (ولا يجلس على القبر) المحترم ولا يتكأ عليه ولا يستند إليه (ولا يوطأ) عليه إلا لضرورة كألا يصل إلى ميته. . . إلا بوطئه لصحة النهي عن ذلك، والمشهور في ذلك الكراهة وهو المجزوم به في "الروضة" وأصلها. وأما ما رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي اللَّه تعالى عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر" ففسر فيه الجلوس بالحدث وهو حرام بالإجماع. . . والمعتمد الكراهة. وأما غير المحترم كقبر حربي ومرتد وزنديق فلا يكره ذلك، وإذا مضت مدة يتيقن أنه لم يبق من الميت في القبر شيء فلا بأس بالانتفاع به".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (٢/ ١٤٠)؛ حيث قال: " (و) يكره (الجلوس) عليه لما روى أبو مرثد الغنوي: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". رواه مسلم. وعن أبي هريرة قال: قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأن =

<<  <  ج: ص:  >  >>