للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه ستر إيمانه وغطاه، وضل عن الصراط المستقيم، أما المسلم فهو الذي أسلم دينه وأمره كله للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قال عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩].

وهنا مسألة نحتاج أن ننبه عليها وهي: إذا كانت الزكاة واجبة على كل مسلم، فكيف نوفق بين هذا وبين وبين قول جمهور الأصوليين: الكفار مخاطبون بفروع الشريعة (١)؟

لا تناقض بين القولين، فالأصوليون لا يقصدون بقولهم: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة هو أن الزكاة تجب على الكافر، وإنما قصدهم من ذلك أن الكافر يأثم بتركه للزكاة، وإن لم تكن واجبة عليه، كما أنه أيضًا يأثم بترك أصل الدين.

وبتفصيل أكثر وأدق بيانًا نقول: الأصل في كل إنسان خلقه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وفطره على الفطرة الصحيحة أن يكون مسلمًا، قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠].

ولذلك جاء في الحديث الصحيح: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" (٢)، ولم يقل: أو يسلمانه؛ لأن الأصل فيه أن يكون مسلمًا.

وفي قصة الجارية التي سألها: "أين اللَّه؟ "، قالت: في السماء، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة" (٣).


(١) هذه المسألة فيها خلاف طويل بين أهل العلم يتلخص في مذاهب:
الأول: أنهم مخاطبون بفروع الإسلام.
والثاني: لا يخاطبون منها بغير النواهي.
والثالث: التفريق بين النواهي والأوامر.
انظر: "المنخول"، للغزالي (ص: ٨٨ وما بعدها)، و"روضة الناظر"، لابن قدامة (١/ ١٦٠ وما بعدها)، و"شرح الكوكب المنير"، لابن النجار (١/ ٥٠٠ وما بعدها).
(٢) أخرجه البخاري (١٣٥٨)، ومسلم (٢٦٥٨).
(٣) أخرجه مسلم (٥٣٧) عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: … وكانت لي جارية =

<<  <  ج: ص:  >  >>