للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الغَسْلِ إِلَى المَسْحِ هَلْ هُوَ لِمَوْضِعِ السِّتْرِ (أَعْنِي سِتْرَ خُفِّ القَدَمَيْنِ)، أَمْ هُوَ لِمَوْضِعِ المَشَقَّةِ فِي نَوْعِ الخُفَّيْنِ؟).

سبب اختلاف الفقهاء في ذلك: هل المسح على الخفِّ وضع لستر القدم الذي يستره الخفان، لأن القدم لا يُستر إلا إذ! كان الخفان سليمين، أما إذا كان الخفان غيرَ سليمين فلا يستتر، فهل المقصود هنا هو قضية أنه جاز المسح ورُخّص تخفيفًا لأنَّنا سترنا القدم، أو أنَّ العلة أكبر من ذلك وأسمى وأبعد، ألا وهو التخفيف على الناس، وإذا كانت القضيةُ قضيةَ التَّخفيف فلا ينبغي أن يفرّق بين خف فيه خرق يسير وبين خفٍّ صحيح؛ لأنَّ القصدَ هو التيسير على الناس والتسامح؛ لأنَّ هذه الشريعة فيها سماحةٌ ويسرٌ، وهذا يلتقي مع أهداف وأصول هذه الشريعة.

قوله: (فَمَنْ رَآهُ لِمَوْضِعِ السِّتْرِ لَمْ يُجِزِ المَسْحَ عَلَى الخُفِّ المُنْخَرِقِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا انْكَشَفَ مِنَ القَدَمِ شَيْءٌ، انْتَقَلَ فَرْضُهَا مِنَ المَسْحِ إِلَى الغَسْلِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ العِلَّةَ فِي ذَلِكَ المَشَقَّةُ، لَمْ يَعْتَبِرِ الخَرْقَ مَا دَامَ يُسَمَّى خُفًّا).

ولذلك ذُكر عن بعض العلماء أنهم قالوا: وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار تخلو من خروق؟

فهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يضربون في الأرض، فمنهم من كان يجاهد لقتال الأعداء، ومنهم من كان يشتغل في أرضه، ومنهم من كان يجاهد للدعوةٍ في سبيل الله، وإما لخدمة هذا الدين، ولا شكَّ أنَّ هذه الخفاف تمرُّ بالحجارة والصخور والطرق الوعرة وغير الوعرة، وبالشوك وغير ذلك، ويندر أن تسلم هذه الخفاف، وقد عرفنا ما كان من أحوال الصحابة رضوان الله عليهم، وما هو حال كثير منهم من قلة المال، ولكن كانت لديهم العزيمة التي استقرت في نفوسهم واستنارت بها بصيرتهم، ولا شكَّ أنَّ الله سُبحَانهُ وَتَعَالى قد وهبهم الإخلاص، ذلكم النور العظيم الذي إذا أُلقي في قلب عبد مسلم فأنار له طريق الخير والرشاد، وهكذا

<<  <  ج: ص:  >  >>