للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الحديث: "ودين اللَّه أحق أن يقضى" (١).

وبعضهم يقول: الزكاوات واجبة ومتعينة، وثبوتها أقوى من ثبوت هذه؛ فينبغي أن تقدم عليها، والذي يظهر لي في هذه الحالة أن الزكاة تقدم على النذور وعلى الكفارات.

* قوله: (وَأَمَّا المَالُ الَّذِي هُوَ فِي الذِّمَّةِ -أَعْنِي: ذِمَّةَ الغَيْرِ- وَلَيْسَ هُوَ بِيَدِ المَالِكِ وَهُوَ الدَّيْنُ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْضًا، فَقَوْمٌ قَالُوا: لَا زَكَاةَ فِيهِ وَإِنْ قُبِضَ).

إذا كان لرجل دينٌ على آخر، فإما أن يكون المَدين مليئًا أو غير مليءٍ، والمليء هو: المعترف بالدين القادر على سداده، اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:

قال بعضهم: يزكيه وهو في يد غيره؛ لأن صاحبه قادر على أخذه في أي لحظة، فكأنه في يده، وهذا -فيما أذكر- هو مذهب الشافعي أو قول له (٢).


= تقديمًا لدين اللَّه، لخبر "الصحيحين": "فدين اللَّه أحق بالقضاء"؛ ولأن مصرفها أيضًا إلى الآدميين، فقدمت لاجتماع الأمرين فيها والخلاف جار في اجتماع حق اللَّه تعالى مطلقًا مع الدين، فيدخل في ذلك الحج وجزاء الصيد والكفارة والنذر كما صرح به في المجموع. نعم الجزية ودين الآدمي يستويان على الأصح مع أن الجزية حق للَّه تعالى (وفي قول) يقدم (الدين)؛ لأن حقوق الآدميين مبنية على المضايقة لافتقارهم واحتياجهم".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "مطالب أولي النهى"، للرحيباني (٢/ ١٨)؛ حيث قال: " (ولو) كان الدين (كفارة ونحوه) كنذر، (أو) كان (خراجًا) عن الأرض، (أو) كان (زكاة غنم عن إبل)؛ لأنه دين، يجب قضاؤه فمنع كدين الآدمي، وفي الحديث: "دين اللَّه أحق أن يقضى"". وانظر: "المغني"، لابن قدامة (٣/ ٧٠).
(١) أخرجه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨) عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قال: جاء رجل إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: "نعم"، قال: "فدين اللَّه أحق أن يقضى".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (٢/ ١٢٥)؛ حيث قال: " (وإن تيسر) أخذه بأن كان =

<<  <  ج: ص:  >  >>