- وهناك آخرون يقولون: بل إنَّ ذلك مقيدٌ، وهو يختلفُ من الحاضر إلى المسافر؛ لأنه لمَّا كانت حالةُ المسافر تستدعي التخفيف أكثر خُفّف عنه في ذلك، وأعطيَ مسافةً أكثر، ولما كانت حالة الحاضر تقتضي أن يكون التخفيف أقل كان الذى قُدِّر له أقل من المسافر.
المؤلف لأنَّه مالكيُّ المذهب عادةً يبدأ بمذهب مالك، ولا ضير في هذا، ولكن قد جرت عادة الفقهاء أنهم يقدِّمون الأئمةَ حسب الترتيب الزمني، فعادةً يُذكر أبو حنيفة ثم مالك ثم الشافعي ثم أحمد، وهذا لا ضير فيه بأننا نقدم هؤلاء حسب الزمن، فهذا أولهم، ثم يليه الإمام مالك، وهكذا.
المؤلف أجمل القول ولم يفصِّل، لأنَّ الكتاب مجملٌ، وإلا فمذهب مالك فيه أقوال ثلاثة، وإن كانَ أشهرها وأصحُّها عندهم هو القول الذي ذكر: أنه لا توقيت في المسح على الخفين، أي: أنَّ المسح على الخفين مُطلقٌ، فمتى ما لبس الإنسان خفيه على طهارة وظلَّا في قدميه، فإنه يمسح عليهما إلى ما شاء الله، سواءٌ كان حاضرًا أو مسافرًا، هذا هو الرأي المشهور، وهو الذي وقف عنده المؤلف وذكره.
القول الثاني: أنَّ المسح على الخفين مؤقتٌ، وبهذه الرواية انضم إلى عامة العلماء.
القول الثالث: التفريق بين الحاضر والمسافر، فهو مؤقتٌ في حقِّ
(١) يُنظر: "عيون الأدلة" لابن القصار المالكي (٣/ ١٢٥٩)؛ حيث قال: "وليس للمسح على الخفين عند مالك رَحِمهُ اللهُ حد محدود، لا للمقيم ولا لمسافر، يمسح ما لم ينزعهما أو تصبه جنابة".