للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاضر دودن المسافر؛ لأنَّ المسافرَ يحتاجُ إلى التَّخفيف أكثر من الحاضر، ولذلك أُطْلِقَ في حقِّهِ.

قوله: (وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ (١)، وَالشَّافِعِيُّ (٢) إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مُؤَقَّتٌ).

وذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد (٣)، ونُقل ذلك عن عددٍ من الصحابة؛ منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وأبو زيد الأنصاري، هؤلاء الخمسة من الصحابة نُقِلَ عنهم أنهم قالوا بالتوقيت (٤)، وسيأتي من أدلة المالكية ومن معهم إلى أنَّ عمر - رضي الله عنه - قال: بعدم التوقيت، وبذلك يتبيَّن أن لمالكٍ رأيين أو قولين في المسألة، ثم ننظر أي القولين ينبغي أن يؤخذ به.

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُ الآثَارِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ).

قد يُفهم من هذا أنَّ الذي ورد في ذلك ثلاثةُ أحاديث، مع أنَّ بعض العلماء ومنهم الإمام الطحاوي وابن حزم ذكرا أنَّ الأحاديث التي وردت في التحديد وصلت إلى حد التواتر، يعني قالوا: بتنوُّع طرقها وتعددها بلغت درجت التواتر، فليست القضية كما ذكر ثلاثة أحاديث، وإنما هي


(١) يُنظر: "الدر المختار، وحاشية ابن عابدين" (١/ ٢٧٨)؛ حيث قال: " (مسح مقيم) بعد حدثه (فسافر قبل تمام يوم وليلة) فلو بعده نزع (مسح ثلاثًا، ولو أقام مسافر بعد مضي مدة مقيم نزع وإلا أتمها)؛ لأنه صار مقيمًا".
(٢) يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (١/ ١٩٩، ٢٠٠)؛ حيث قال: "كل سفر يمتنع فيه القصر (يومًا وليلة) فيستبيح بالمسح ما يستبيحه بالوضوء في هذه المدة، (وللمسافر) سفر قصر (ثلاثة) من الأيام (بلياليها) ".
(٣) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ١١٤)؛ حيث قال: (و) يمسح (عاص بسفره) بعيدًا كان أو قريبا (يومًا وليلة) وكذا مسافر دون المسافة؛ لأنه في حكم المقيم. (و) يمسح (مسافر سفر قصر ثلاثة أيام بلياليهن) ".
(٤) يُنظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (١/ ٤٢١)؛ حيث قال: "وقد روينا عن عمر وعلي وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس التوقيت وقولهم يوافق السنة التي هي أشهر وأكثر والأصل وجوب غسل الرجلين فالمصير إليه أولى وبالله التوفيق".

<<  <  ج: ص:  >  >>