للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سار عليها، ويقول إنه يتكلم عن الكليات، ولا شك أنَّ هذه المسائل الأربعة التي أدرجها لا تُعد في أمهات المسائل، وإنما في متوسطها أو في فروعها، لكنه ذكرها؛ لأنها ذات علاقةٍ، ويُحتاج إليها، فجعلها من هذا المنطلق بمثابة مسائلَ كليةٍ تتفرع عنها مسائل أخرى.

* قوله: (فَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى - وَهِيَ إِذَا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ فَضَاعَتْ).

إنسانٌ أخرج الزكاة من ماله فضاعت، فهل الحكمة في إخراج الزكاة أن يُخرجها الإنسان من حوزته وتبرأ ذمته بذلك الإخراج؟ أو أنَّ المطلوب أن يوصلها إلى أيدي مستحقيها؟ هذا هو سبب الخلاف هنا؛ فمن العلماء من يقول: ما دام أخرجها وضاعت برئت ذمته، وفريقٌ آخر من العلماء يقول: لا، لا تبرأ ذمته إلا أن يضعها في أيدي مستحقيها، أو في أيدٍ أمينةٍ تُوصلها إلى مستحقيها.

ثم بعد ذلك يتكلمون: هل هناك فرقٌ بين أن يكون الإخراج بعد الوجوب مباشرةً، وبين أن يتأخر في ذلك، فيتمكن من الإخراج ولا يُخرِج إلا بعد وقتٍ؟ ففي هذا الوقت الذي تساهل فيه ضاعت الزكاة، وهل هناك فرقٌ بين إنسانٍ فرّط وبين إنسانٍ لم يُفرّط؟ إنسانٌ وضع الزكاة في حرزٍ أمينٍ وحافظ عليها، بحيث لا يُوصل إليها إلا بصعوبةٍ، ومع ذلك وُصل إليها، هذا لا يعد مُفرّطًا، لكن إنسانٌ وضعها في مكانٍ يطرقه الناس ربما يوصل إليها هذا يعد مُفرّطًا، أو أعطاها، أو سلّمها لإنسانٍ غير أمينٍ، أو إنسانٍ لا يعرفه وليس مأمونًا عليها، فهذا مُفرّطٌ، هذه وقع فيها خلافٌ بين العلماء.

* قوله: (فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: تُجْزِئ عَنْهُ، وَقَوْمٌ قَالُوا (١): هُوَ لَهَا ضَامِنٌ حَتَّى يَضَعَهَا مَوْضِعَهَا).


(١) هو مذهب الأحناف: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٢/ ٢٧٠)، حيث قال: "فلو ضاعت لا تسقط عنه الزكاة ولو مات كانت ميراثًا عنه، بخلاف ما إذا ضاعت في يد الساعي؛ لأن يده كيد الفقراء". =

<<  <  ج: ص:  >  >>