للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا القول الثاني هو روايةٌ للحنابلة (١).

* قوله: (وَقَوْمٌ فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَهَا بَعْدَ أَنْ أَمْكَنَهُ إِخْرَاجُهَا، وَبَيْنَ أَنْ يُخْرِجَهَا أَوَّلَ زَمَانِ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ).

وهو أيضًا قولٌ للحنابلة، وهي أقوالٌ أيضًا للعلماء.

* قوله: (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ أَيَّامٍ مِنَ الْإِمْكَانِ وَالْوُجُوبِ ضَمِنَ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا فِي أَوَّلِ الْوُجُوبِ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ لَمْ يَضْمَنْ).

مذهب الحنابلة في الرواية الأُخرى والشافعية متقاربٌ، لكنَّ الشافعية قيّدوا ذلك بالتفريط، فرّط أو لم يُفرّط، فقالوا: إن فرّط ضمنَ وإن لم يُفرّط فلا، والحنابلة قيّدوا ذلك بالإمكانِ وعدمه، فإن أمكنه إخراجها ولم يُخرجها ضمنَ، وإن لم يتمكَّن من إخراجها لسببٍ ومانعٍ من الموانع فلا يضمن.

"بعد أيامٍ"؛ لأنَّ الزكاة على الفور، وهذا لم يُخرجها فورًا، فتأخر فيها بعد أن تمكَّن من إخراجها.

لكن هنا يرد سؤالٌ: هل للإنسان إذا ما وجبت الزكاة في ماله أن يؤخّرها بعض الوقت بحثًا عن أُناسٍ هم أليق بها وأحوج إليها؟

قد يكون الإنسان يعرف فقراء، لكن يريد أن يتحرى ويبحث عن أُناسٍ لا يسألون الناس إلحافًا، فهل له ذلك؟


= الحنابلة وجماعة: يُنظر: "الشرح الكبير على المقنع" (٧/ ١٤٢)، حيث قال: "فإن أخرج الزكاة، فضاعت قبل دفعها إلى الفقير، لم تسقط عنه. وهذا قول الزهري، وحماد، والثوري، وأبي عبيد".
(١) بل الظاهر أنَّ هذا هو المذهب، يُنظر: "مسائل الإمام أحمد وإسحاق" (٣/ ١١٣٢)؛ حيث قال: "قلت: إذا أخرج زكاة ماله، ثم سرقت أو ضاعت؟ قال: يستأنف".
وهو مذهب الظاهرية؛ انظر: "المحلى" لابن حزم (٤/ ٧١)؛ حيث قال: "لو أخرج الزكاة وعزلها ليدفعها إلى المصدق أو إلى أهل الصدقات فضاعت الزكاة كلها أو بعضها فعليه إعادتها كلها ولا بد".

<<  <  ج: ص:  >  >>