للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: الذين تُوكل إليهم الأمور، ويوكّلون فيها، فهؤلاء دائمًا يتعلق الحق فيهما بالعينِ، وفرن بين أن يتعلق الحقُّ بالذمة، وبين أن يتعلَّق بالعين، لأنَّ الذي يتعلق بالذمة لا يسقط بتلفه وزواله، إلا على التعليلات التي ذكرنا.

وأما ما تعلق بالعين فإنه يسقط بذهاب العينِ، إلا أن يُوجد تفريطٌ، كما لو وكّل إنسانٌ على مال أيتام فضيّع بعضه، فإنه لا يضمن إذا كان أمينًا على هذا المال، لكن لو فرّطً يضمن؛ لأنَّ هذا فيه ضررٌ على اليتيم، وهكذا.

هذا هو الذي يريد المؤلف أن يبحثه، وهو الذي جعله سبب الخلاف، وأسّس المسائل متفرعةً عنه.

* قوله: (أَوْ تَشْبِيهُهَا بِالْحُقُوقِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْمَالِ لَا بِذِمَّةِ الَّذِي يَدُهُ عَلَى الْمَالِ كَالْأُمَنَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَمَنْ شَبَّهَ مَالِكِي الزَّكَاةِ بِالْأُمَنَاءِ قَالَ: إِذَا أُخْرِجَ فَهَلَكَ الْمُخْرَجُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ).

لأن الحق متعلقٌ بالعين، والعين قد ذهبت وزالت، فذهب الحقُّ تبعًا لذهابها، هذا هو مراد المؤلِّف.

* قوله: (وَمَنْ شَبَّهَهُمْ بِالْغُرَمَاءِ قَالَ: يَضْمَنُونَ).

الغرماء: أصحاب الديون، فحقوقهم لا تتعلق بالعين، فلو أنَّ المدين اشترى مثلًا سلعةً من السلع فتلفت، هل نقول إن حق المدِين قد ذهب؟ أو أنَّ صاحب الدين قد سقط حقه؟ لا، هو متعلقٌ بذمة هذا الإنسان، إلا أن يعفو ويتجاوز، هذا أمر طيبٌ، وقد رغّبت فيه الشريعة، لكننا نقرّر حكمًا شرعيًّا، فلا شك -كما ذكر المؤلف- أنَّ الصورتين مختلفتان، ففرقٌ بين ما يتعلق بالذمة، فيدور معها، وبين ما هو متعلقٌ بالمال: وهو ما يُعرف بالتعلق بالعين، فيدور معها وجودًا وعدمًا، يوجد بوجود العين، ويذهب بذهابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>