للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأدلة التي يستدل بها القائلون بعدم التوقيت حديث أنس - رضي الله عنه -، وفيه قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا، وَلْيَمْسَحْ عَلَيْهَا، ثُمَّ لَا يَخْلَعْهُمَا إِنْ شَاءَ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ" (١)؛ أي: لا تخلع إلا من جنابة.

قالوا: وهو نصٌّ في عدم التوقيت؛ لأنَّ الرسول- عليه الصلاة والسلام- بعد أن قال: وليمسحْ على خفَّيه، قال: ثم إنْ شاء أن لَّا يخلعهما إلا من جنابة فليفعل.

وهذا الحديثُ؛ - أعني: حديثَ أنسٍ - حديث ضعيف.

وهذه الأدلة قد أجملها المؤلِّف، وإلا فهي كثيرةٌ جدًّا، وقد استقصاها الطحاوي في كتابه: "شرح معاني الآثار"، وابنُ حزمِ في كِتابه: "المحلَّى بالآثار"، وكذلك الذي حقق وخرَّج أحاديث "بداية المَجتهد" ذكر منها أدلةً كثيرةً.

قوله: (قُلْتُ: أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ، فَصَحِيحٌ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ).

حديث عليّ الذي رخّص فيه الرسول- عليه الصلاة والسلام- المسح على الخفين للمسافر أن يمسحَ ثلاثة أيَّام ولياليهن، وللمقيم أن يمسح يومًا وليلةً، وهو حديثٌ صحيح لَا نزاع ولا إشكال فيه، فقد خرّجه مسلم وغيره، وبعض أصحاب السنن.

قوله: (وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ، فَقَالَ فِيهِ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: إِنَّهُ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ، وَلَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ قَائِمٌ، وَيذَلِكَ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَارَضَ بِهِ حَدِيثُ عَلِيٍّ).

حديث أُبَيّ بن عمارة حديثٌ ضعيف، وفي هذا الحديث عدَّةُ عللِ، ولذلك ضعَّفَه العلماء.


(١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" ح ٦٤٣، والبيهقي في "السنن الكبرى" ح ١٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>