للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك فإنَّ هذا الحديثَ هو أقوى أدلَّتهم؛ لأنه قال: "امسح ما بدا لك".

قالوا: السائل في هذا المقام سأل عن المسح، ولم يسأل عن التوقيت، فقالوا: هذا أشبه ما يكون بقول الرسول- عليه الصلاة والسلام-: "الصعيد الطيِّبُ وضوء المسلم، وإن لم يجد الماءَ عشر سنين"، فهل معنى هذا أنَّ الإنسان إذا تيمَّم يستمر على تيمُّمه عشر سنين إذا لم يجد الماء؟ أو أنَّ القصد أنه يكرر ذلك؟

قالوا: القصد أنَّه يكرر المسح.

قيل: فكذلك القصد هنا: امسح ما شئت؛ يعني: في كل مرة.

قوله: (وَأَمَّا حَدِيتُ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُخْرِجْهُ البُخَارِيُّ وَلَا مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّحَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بِالحَدِيثِ التِّرْمِذِيُّ (١)، وَأَبُو مُحَمَّدِ ابْنُ حَزْمٍ (٢)، وَهُوَ بِظَاهِرِهِ مُعَارِضٌ بِدَلِيلِ الخِطَابِ لِحَدِيثِ أُبَيٍّ كَحَدِيثِ عَلِيٍّ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّ حَدِيثَ صَفْوَانَ وَحَدِيثَ عَلِيٍّ خَرَجَا مَخْرَجَ السُّؤَالِ عَنِ التَّوْقِيتِ، وَحَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ نَصٌّ فِي تَرْكِ التَّوْقِيتِ، لَكِنَّ حَدِيتَ أُبَيٍّ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ).

حديث صفوان: "أمرنا رسول الله … "، وهو حديثٌ إسناده صحيحٌ أو حسنٌ.

ومن الذين صحَّحُوا هذا الحديث من الأئمة -كما ذكر المؤلف- الإمام الترمذيُّ وغيره، فهناك من العلماء الذين كتبوا في تصحيح الأحاديث


(١) سبق.
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ٣٢٢)؛ حيث قال: "ورويناه أيضًا من طريق معمر وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، كلهم عن عاصم عن زر عن صفوان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثله. وهذا نقل تواتر يوجب العلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>