للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ القَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ ذَكَرَهُ ابْنُ لُبَابَةَ فِي المُنْتَخَبِ) (١).

ابن القاسم رَحِمهُ اللهُ هو أحد تلاميذ الإمام مالك، وهو من العلماء الأجلاء، وهو الواسطة بين الإمام سحنون وبين الإمام مالكٍ؛ لأنَّ "المدونة" التي هي المرجع الأصلي للمالكية في فقههم هي من رواية سحنون عن ابن القاسم عن مالك.

قوله: (وَإِنَّمَا قَالَ بِهِ الأَكْثَرُ؛ لِثُبُوتِهِ فِي حَدِيثِ المُغِيرَةِ وَغَيْرِهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْزِعَ الخُفَّ عَنْهُ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "دَعْهُمَا" فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ") (٢).

هنا وقع الخلاف بين العلماء، وهذا هو الفقه، فلا تتصور أنه عندما يحصل خلافٌ في الفهم أن هذا توسيع لرقعة الخلاف، لا، إنما هؤلاء عندما اختلفوا فلأن غايتهم جميعًا أن يصلوا إلى مراد -الرسول عليه الصلاة والسلام- أو أن يقتربوا منه.

المراد من قوله: ("أَدْخَلْتُهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ") معنى هذا: أنَّ الرجلين عندما أدخلتا في القدمين كانتا طاهرتين، وهذا لا يتم إلا بغسلهما معًا، إلا على قول من يقول: بأنَّ كلَّ عضو يأخذ نصيبه من الطهارة، لكنَّ الطهارةَ لا تكتملُ اكتمالًا صحيحًا إلا بغسلِ آخرِ عضوٍ.

قوله: (وَالمُخَالِفُ حَمَلَ هَذ الطَّهَارَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ) (٣).


(١) لم أقف عليه.
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٦)، ومسلم (٢٧٤).
(٣) يُنظر: "المعلم بفوائد مسلم" للمازري (١/ ٣٥٨)؛ حيث قال: "وسبب الخلاف قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين" هل ذلك محمول على أن الطهارة اللغوية أو الشرعية. وهذا المعنى قد اختلف أهل الأصول فيه، وهو تقدمة الاسم العرفي على اللغوي، أو تقدمة اللغوي على العرفي، والخلاف فيما ذكرنا كالخلاف في قوله: "توضؤوا مما مست النار"، هل يحمل ذلك على الوضوء اللغوي الذي هو غسل اليد أو على الوضوء الشرعي".

<<  <  ج: ص:  >  >>