للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أيضًا بعض البذور كالكمون ونحوه، فيتوسَّعون في هذا، لكنهم -مع الإمامين- لا يوجبان الزكاة في الفواكه، ولا الخضروات.

* قوله: (وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: "الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ مَا عَدَا الْحَشِيشَ وَالْحَطَبَ وَالْقَصَبَ").

"الحشيش" هو النبط المعروف، وهو الحطب، وهو الذي يستخرج من الأشجار.

* قوله: (وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ (١)).

إذن أبو حنيفة توسَّع؛ لأنه يستدلُّ بحديث: "فيما سقت السماء العُشر"، يقول: فحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مطلق، فكلُّ ما سقته السماء فأنبت؛ فإنه يجب فيه العُشر، وهذا الذي يَنبُت قد يكون حبًّا، وقد يكون ثمرًا، وقد يكون أيضًا فاكهة، وقد يكون بذرًا من البذور، إلا أصنافًا لا زكاة فيها؛ لأن الناس يحتاجون إليها (الناس شركاء في ثلاثة؛ في الماء والكلأ والملح)؛ فالناس شركاء في الماء، ولذلك حذَّر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الثلاثة الذين لا ينظر اللَّه إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؛ رجل على ماء في فلاة فمنعه رجلًا يستحقُّه، أو منعه ابن السبيل، كذلك الملح المشترك، وكذلك الكلأ، لا كما كان يدَّعي الذين نادوا بالاشتراكية فترة من الزمن واستدلُّوا بهذا الحديث.

وها هي الاشتراكية قد انهارت؛ لأنها خرجت عن منهج اللَّه، وتعارضت مع ما جاء في كتاب اللَّه عزَّ وَجَلَّ قال تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (٣٣)} [الزخرف: ٣٣]، وقال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي


(١) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٢/ ٢٨٧)؛ حيث قال: "قال أبو جعفر: كان أبو حنيفة يقول: في قليل الثمار والزروع، وفي كثيرها الصدقة، فإن كانت مما سقته السماء أو سقي فتحًا: فالعشر، وإن سقي بدالية أو سانية: فنصف العشر، إلا الحطب والقصب والحشيش، فعنه لا شيء في ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>