للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروفًا مغطًّى، ثم يكنِزُون فيه التمر، والآن يضعونه في أكياس نايلون كبيرة، فقد تغيرت الأحوال والنعم كثرت بحمد اللَّه، والوسائل قد تيسَّرت، لكن التَّمر يكنز، وكذلك القمح، والشعير، وكذلك العنب يجفف فيصير زبيبًا فيُدَّخر.

والزيتون كذلك يدخَّر، لكن الزيتون رطب، وسيأتي الكلام عنه، فلا نسبق الكلام قبل محله.

* قوله: (هَلْ هُوَ لِعَيْنِهَا أَوْ لِعِلَّةٍ فِيهَا -وَهِيَ الِاقْتِيَاتُ-: فَمَنْ قَالَ لِعَيْنِهَا قَصَرَ هَلْ هُوَ لِعَيْنِهَا أَوْ لِعِلَّةٍ فِيهَا -وَهِيَ الِاقْتِيَاتُ-: فَمَنْ قَالَ لِعَيْنِهَا قَصَرَ الْوُجُوبَ عَلَيْهَا، وَمَنْ قَالَ لِعِلَّةِ الِاقْتِيَاتِ عَدَّى الْوُجُوبَ لِجَمِيعِ الْمُقْتَاتِ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ بَيْنَ مَنْ قَصَرَ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُقْتَاتِ وَبَيْنَ مَنْ عَدَّاهُ إِلَى جَمِيعِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ إِلَّا مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ مِنَ الْحَشِيشِ وَالْحَطَبِ وَالْقَصَبِ هُوَ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ. أَمَّا اللَّفْظُ الَّذِي يَقْتَضِي العُمُومَ فَهُوَ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرَ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ" (١). وقَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعام: ١٤١] الْآيَةَ. إِلَى قَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]. وَأَمَّا الْقِيَاسُ: فَهُوَ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا سَدُّ الْخَلَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ غَالِبًا إِلَّا فِيمَا هُوَ قُوتٌ، فَمَنْ خَصَّصَ الْعُمُومَ بِهَذَا الْقِيَاسِ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ مِمَّا عَدَا الْمُقْتَاتِ، وَمَنْ غَلَّبَ الْعُمُومَ أَوْجَبَهَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ الْإِجْمَاعُ، وَالَّذِينَ اتَّفَقُوا عَلَى الْمُقْتَاتِ اخْتَلَفُوا فِي أَشْيَاءَ مِنْ قِبَلِ اخْتِلَافِهِمْ فِيهَا، هَلْ هِيَ مُقْتَاتَةٌ أَمْ لَيْسَتْ بِمُقْتَاتَةٍ؟ وَهَلْ يُقَاسُ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ يُقَاسُ؟ مِثْلُ اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الزَّيْتُونِ،


(١) أخرجه البخاري (١٤٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>