(٢) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٣/ ٢٣٥)؛ حيث قال: "فأما الزيتون فله في إيجاب زكاته قولان؛ أحدهما: وهو قوله في القديم فيه الزكاة، وبه قال مالك لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١]. فاقتضى أن يكون الأمر بإتيان الحق راجعًا إلى جميع المذكور من قبل. وروي عن عمر-رضي اللَّه عنه- أنه كتب إلى عامله بالشام أن يأخذ زكاة الزيتون. وروي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أنه قال في الزيتون العشر، ولا مخالف لهما في الصحابة فكان إجماعًا، ولأن عادة أهل بلاده جارية بادِّخاره واقتنائه كالشام وغيرها مما يكثر نبات الزيتون بها؛ فجرى مجرى التمر والزبيب، فاقتضى أن تجب فيه الزكاة. والقول الثاني: نص عليه في الجديد وهو الصحيح. وبه قال ابن أبي ليلى والحسن بن أبي صالح لا زكاة فيه، لما روي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمَّا بعث معاذا إلى اليمن قال له: "لا تأخذ العشر إلا من أربعة الحنطة، والشعير، والنخل، والعنب"؛ فأثبت الزكاة في الأربعة ونفاها فيما عدا ذلك، ولأنه قد كان موجودًا على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما افتتحه من مخاليف اليمن وأطراف الشام، فلم ينقل أنه أخذ زكاة شيء منه، ولو وجبت زكاته لنقلت عنه قولًا وفعلًا كما نقلت زكاة النخل والكرم قولًا وفعلًا، ولأنه وإن كثر من بلاده فإنه لا يقتات منفردًا كالتمر والزبيب، وإنما يؤكل أدمًا".