للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا إِيجَابِهَا. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الثِّمَارِ دُونَ الْخُضَرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ (١) لِقَوْلِهِ -سُبْحَانَهُ-: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} [الأنعام: ١٤١] الْآيَةَ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الثِّمَارِ وَالزَّيْتُونَ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ إِلَّا وَجْهٌ ضَعِيفٌ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْعُرُوضِ الَّتِي لَمْ يُقْصَدْ بِهَا التِّجَارَةُ (٢)، وَاخْتَلَفُوا فِي إيجاب الزَّكَاة فِيمَا اتُّخِذَ مِنْهَا لِلتِّجَارَةِ، فَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ إِلَى وُجُوبِ ذَلِكَ (٣)، وَمَنَعَ ذَلِكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (٤). وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُهُمْ


(١) يُنظر: "الجامع لمسائل المدونة" (٤/ ١٥٨)؛ حيث قال: "قال أبو محمد: ولم يأت أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-ولا الخلفاء أخذوا من الخضر زكاة واتصل العمل بذلك فكانت الفواكه مثلها؛ إذ ليس ذلك من أصل المعايش المقتاتة، وهذا قول مالك وأصحابه ومن اتبعهم إلا ابن حبيب؛ فإنه قال في الثمار التي لها أصول في الزكاة مدخره أو غير مدخره".
(٢) هذا مفهوم النصوص التي نقلناها، ولم أرَ من قد نصَّ عليه.
(٣) يُنظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص: ٤٨)؛ حيث قال: "وأجمعوا على أن في العروض التي تدار للتجارة الزكاة إذا حال عليها الحول".
(٤) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٤/ ٤٤)؛ حيث قال: "وقد صحَّ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يدلُّ على أن لا زكاة في عروض التجارة، وهو أنه قد صحَّ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، ولا فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة". وأنه أسقط الزكاة عما دون الأربعين من الغنم، وعمَّا دون خمسة أوسق من التمر والحبِّ؛ فمن أوجب زكاة في عروض التجارة فإنه يوجبها في كل ما نفي عنه عليه السلام الزكاة مما ذكرنا. وصحَّ عنه -عليه السلام- "ليس على المسلم في: عبده، ولا فرسه، صدقة إلا صدقة الفطر" وأنه -عليه السلام- قال: "قد عفوت عن صدقة الخيل". وأنه -عليه السلام- ذكر حق اللَّه تعالى في: الإبل، والبقر، والغنم، والكنز فسُئِل عن الخيل، فقال: "الخيل ثلاثة: هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر". فسئل عن الحمير فقال: "ما أنزل عليَّ فيها شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} [الزلزلة: ٧] ". فمن أوجب الزكاة في عروض التجارة فإنه يوجبها في الخيل، والحمير، والعبيد، وقد قطع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن لا زكاة في شيء منها إلا صدقة الفطر في الرقيق؛ فلو كانت في عروض التجارة، أو في شيء مما ذكر عليه السلام =

<<  <  ج: ص:  >  >>