والخلاصة: إذا صرفها أخذ فيها مائتي درهم، ولو عرضها فقيمتها تساوي مائتي درهم، فهي في كلتا الحالين سواءٌ كان صرفها يبلغ مائتين أو قيمتها تساوي مائتين، فهي بذلك بلغت مائتي درهم؛ فوجبت الزكاة فيها؛ لأنها وصلت وبلغت نصاب الفضة، فتجب الزكاة فيها؛ لأنها وصلت إلى القدر الذي تجب فيه الزكاة في نصاب الفضة، فكأنهم اعتبروا أن الفضَّة أصل بالنسبة لإخراج الزكاة، واعتبروا أن الذهب فرع عنها، وقالوا: لأن هذه وردت فيها نصوص، وأُجمع عليها، وتلك وردت فيها أحاديث ضعيفة، فوقع الخلاف فيها، فندع موضع الخلاف إلى محلِّ الإجماع والاتِّفاق.
إذا بلغت أربعين دينارًا زال الإشكال؛ لأن هذا موضع مجمع عليه، فلا خلاف فيه؛ فليس محلًّا للنقاش ولا الجدال، ولم ينازع فيه أحد؛ لأنهم في هذه الحالة ينضم أيضًا إليهم الحسن البصري، ويرتفع الإشكال، ويزول الخلاف، وأيضًا ارتفع النصاب إلى هذا القدر فزال الإشكال.
ولو نظرنا لرأينا المسألة ليست فقط بالتقدير؛ لأننا لو جئنا لنقدِّر الأمر، كأن قلنا: إن الواجب في الفضَّة مائتا درهم، فأنا لا أستطيع أن أحددها بالدراهم، فنردها إلى الريالات السعودية ستة وخمسين ريالًا، لكن عندما نريد أن نُخرج نصاب الذهب كم هي؟ أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيهات، هذه أكثر بكثير من نصاب الفضة، ومعلوم أن الجنيه فيما مضى قبل فترة طويلة كان يساوي أربعين ريالًا، والآن اللَّه أعلم كم يساوي، لقد ارتفع كثيرًا، فليست القضية قضية مخالفة، يعني: هذا أكثر أو أقل؛ لأنه لا مناسبة عند الموازنة.