للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ المالكية لو قالوا من جهة الترتيب لاحتُجّ عليهم ونقض قولهم، فيقال لهم: أنتم لا ترون وجوب الترتيب فكيف قلتم بهذا؟ هل هذا تراجع عن رأيكم في الترتيب؟

لكنهم قالوا: المنع هنا، لأنَّ طهارة كلَّ عضوٍ لا تتمُّ وحدها، بل لا بدّ أن تأتي الأعضاءُ مكتملة جميعًا وبهذا تحصل الطهارة، وهذا هو الظاهر والبيِّن.

قوله: (وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "وَهُمَا طَاهِرَتَان"، فَأَخْبَرَ عَنِ الطَّهَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ المُغِيرَةِ: "إِذَا أَدْخَلْتَ رِجْلَيْكَ فِي الخُفِّ وَهُمَا طَاهِرَتَان، فَامْسَحْ عَلَيْهِمَا" (١)، وَعَلَى هَذِهِ الأُصُولِ يَتَفَرَّعُ الجَوَابُ).

مقصود المؤلف: هذه المسائل الكبرى -الأمهات- يتفرع عنها الجواب في الصورة التالية.

قوله: (فِيمَنْ لَبِسَ أَحَدَ خُفَّيْهِ بَعْدَ أَنْ غَسَلَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ، وَقَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ الأُخْرَى).

ورد في الحديث: "دعهما فإني أدخلتهما وهما طاهرتان" أو "طاهرتين" ومفهوم هذا الحديث وظاهره، أنه أدخل رجليه بعد طهارتهما،


= الماسح بقوله (بطهارة ماء) لا غير متطهر ولا طهارة ترابية (كملت) حسًّا بأن تمم أعضاء الوضوء قبل لبسه احترازًا عما إذا ابتدأ برجليه ثم لبسهما وكمل طهارته أو رجلًا فأدخلها".
(١) لم أره في رواية للمغيرة، وإنما أخرجه مالك (١/ ٦٣)، ومن طريقه الشافعي (ص ٢٢٢): عن نافع، وعبد اللّه بن دينار، أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص، وهو أميرها، فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين. فأنكر ذلك عليه، فقال له سعد: سل أباك إذا قدمت عليه. فقدم عبد الله، فنسي أن يسأل عمر عن ذلك، حتى قدم سعد. فقال: أسألت أباك؟ فقال: لا. فسأله عبد الله، فقال عمر: "إذا أدخلت رجليك في الخفين، وهما طاهرتان، فامسح عليهما"، قال عبد اللّه: وإن جاء أحدنا من الغائط؟ فقال عمر: "نعم. وإن جاء أحدكم من الغائط".

<<  <  ج: ص:  >  >>