الفضة، لكونها فضةً؟ أو أن المراد من ذلك يختلف عن هذا؟
المنفعة متحققة في كلِّ واحد منهما؛ فهناك قاسم مشترك بينهما وهو المنفعة، فمَن نظر إلى المنفعة -هذا تعبير المؤلف- قال:(يضم بعضهما إلى بعض)؛ لأن هذا يؤدي ما يؤديه هذا، وهذا ينوب عن هذا.
- ومَن قال: لا، فإنه رأى أن كلَّ واحد منهما مقصود لعينه، ولذلك لا ضم؛ فنحن لا نجد أن الماشية يُضم بعضها إلى بعض، فلا يُضم غنم إلى بقر، ولا بقر إلى إبل، إذن هنا لا ينبغي أن يحصل ضم.
لا شكَّ أن الذهب والفضة هي رؤوس الأموال، بهما يباع ويشترى، بهما يتوصل الإنسان إلى غاياته، وقد أشرنا إلى أن الإنسان في أوَّلِ أمره كان يستخدم المقايضة، كان الناس يتبادلون السلع عن طريق المقايضة، ثم تطور ذلك بعد أن هدى اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الإنسان إلى النقدين، فبدؤوا يتعاملون بهما، فهي كما -قال المؤلف-: قيم المبيعات وكذلك المتلفات، وهي رؤوس الأموال، وهي أروش الجنايات، تستخدم في ذلك، وهي أيضًا مَهر للزواج، وكذلك تؤخذ في الجزية، وفي غير ذلك من الأحكام الكثيرة المنتشرة في أبواب الفقه.
وجهة الذين قالوا من العلماء بعدم الضم "ليس فيما دون خمس أواق صدقة"، قالوا: معنى هذا الحديث أنه إذا نقص نصاب الفضة عن مائتي درهم فلا زكاة فيه، ولو كان الذهب يُضم لنبَّه على ذلك؛ لأن الحاجة تقتضي بيان ذلك؛ لكنه لم يبين؛ فدلَّ على أنَّ لكل واحد منهما أصلًا مستقلًّا بذاته فيما يتعلق بوجوب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب.