ويظهر لي -واللَّه أعلم- أن الأولى هو الضمُّ بالأجزاء، بمعنى: أنه إذا اجتمع عدد من الدنانير تكملها أعداد من الدراهم، فإن الزكاة تخرج في هذه الحالة إذا بلغت نصابًا، هذا أيسرها في نظري وأقربها.
هنا أمر أريد أن أنبِّه عليه، كثيرًا ما تجد في مصطلحات بعض الفقهاء، ولا سيما (المتأخرين)، ولا نعني بالمتأخرين (المعاصرين)، وإنما الذين سبقوهم، كالذين كانوا في القرن العاشر وما بعده، كثيرًا ما يتكلمون عن الدينار الشرعي، والدينار العرفي، والدرهم الشرعي، والدرهم العرفي، فما المراد بهما؟
يقصدون بالدينار وبالدرهم الشرعي: الذي كان معمولًا به في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم ضرب في عهد عبد الملك بن مروان، وموجود دراهم ضربت عام ثماني وسبعين من الهجرة وقبل ذلك وبعده، وحتى في الدولة العباسية بعد ذلك.
والدرهم العرفي: هو الذي تعارف الناس على استعماله، وليس مقصودًا لمعرفة الحكم الشرعي، ولذلك نجد الذين عنوا بهذا الأمر يوازنون بينهما، فتجد أحيانًا الدرهم الشرعي يزيد، وأحيانًا ينقم، وأحيانًا العرفي يزيد، والمقصود بالدرهم العرفي ما تعارف الناس على التعامل به، ومعلوم أن العرف معتبر في أحكام الشريعة، وهناك قاعدة فقهية معروفة:
(العادة محكمة)، و (ما رآه المسلمون حسنًا) في أثر عبد اللَّه بن مسعود (فهو حسن، وما رأوه سيئًا، فهو عند اللَّه سيئ).
فالعادة محكمة، لكنها لا تحكم في الأحكام الشرعية، وإنما قد تحكم في بعض الأحكام، كما في عادات النساء، وفي الحيض، وفي الاستحاضة، فإن العادة هنا معتبرة، كذلك هي في بعض المقاييس معتبرة،