ومع ذلك يتكلَّم الفقهاء أيضًا فيما إذا كان للإنسان مال في بلد، وله مال في مكان آخر:
فبعض الفقهاء يرى أنه إذا كانت المسافة كمسافة القصر أو دون القصر فإنه يجمع المالان وتخرج الزكاة، وإذا كانت بعيدةً فلا، والمسألة فيها خلاف، لكن المسألة التي معنا تختلف، وهي مسألة الخليطين، وقد ورد فيها النصُّ.
لكن قد يسأل سائل فيقول: ما معنى أن يشتركا في المحلب، وفي المشرب، وفي المرعى، وفي الراعي، وكذلك في طرق الفحل؛ أي: الفحل الذي يطرقهما معًا؟ من أين جيء بهذه الشروط؟
قلت: ورد في حديث ذكر الحوض الذي يشرب فيه، وكذلك ذكر الفحل، وأيضًا ذكر الراعي، وقالوا: ذكر الراعي يستلزم المرعى؛ أي: توحيد المرعى، وبقية الشروط تضاف؛ لأنه إذا كان الحوض واحدًا، فمعنى هذا أن يتفق الشرب أيضًا، فينبغي أن يكون المبيت واحدًا، وهو الذي يعرف عند الفقهاء بـ (المراح)، المكان الذي تبيت فيه الماشية، كذلك أيضًا المحلب ينبغي أن يكون واحدًا؛ فإذا اتَّحدا في الحوض، وكذلك في المرعى، فينبغي أن يكون مكان الحلب واحدًا، وهذه الشروط قالوا: إنها من باب العدالة، يعني: لا ينبغي أن يميز نصيب هذا على نصيب هذا، ولا نصيب هذا على نصيب ذاك؛ وإنما ينبغي أن يتحدا في كلِّ شيء.
- الشافعية -وإن وافقهم الحنابلة في رواية غير قويَّة- بالنسبة أيضًا للخلطة في النقدين وفي أموال التجارة، اشترطوا اتحاد الصندوق الذي يوضع فيه المال، وكذلك أيضًا اشترطوا المخزن الذي توضع فيه البضائع، فإذا كان صاحب تجارة، فينبغي أن يكون المكان الذي توضع فيه البضائع واحدًا؛ لتحصل العدالة بين الأمرين.
- أكثر الفقهاء لا يرون أن الخلطة جائزة في غير الماشية، قالوا: لأنها في الماشية واضحة ومتحققة؛ وفي غيرها لا.