لأن أبا حنيفة اعتبره من الركاز، وقد أوردت فيما سبق دليلين، والحنابلة قالوا: يجب فيه ربع العشر، وصفته أنه زكاة، وليس ركازًا، ولا من الفيء، وإنما هو قدر من المال، يعني: قدرًا من المعادن استخرجه الإنسان، فتجب فيه الزكاة.
ولذلك نجد أن الحنابلة يقولون: لو أن إنسانا غنم شيئًا من المعادن، ألا تجب عليه فيها الزكاة؟ فيُقال: نعم، فيقولون: ما الفرق بين ما يغنمه الإنسان فتجب فيه الزكاة، وبين ما يخرجه من الأرض فيُقال: لا تجب فيه الزكاة؟ لا نرى بينهما فرقًا.
يعني: لو أن إنسانًا غَنِم معدنًا من المعادن غير النقدين، قالوا: تجب فيه الزكاة، فكذلك هنا تجب فيه الزكاة.
وهذا الكلام فيما لم يعد للتجارة، أمَّا إذا أعدَّ الحديد وغيره للتجارة فأيَّ نوع أعدَّ للتجارة فإن الزكاة تجب فيه، وهذا أمر معروف، وكلامنا الآن عن وجوب الزكاة في أصله فيما لا يعدُّ للتجارة، كما لو حفر إنسان في منطقة ما فوجد فيها حديدًا، أو وجد فيها رصاصًا، أو غير ذلك، وبلغت قيمته النصاب، ففي هذه الحالة عند بعض العلماء يزكى، وعند بعضهم لا يزكى؛ أيضًا نجد أن العلماء في هذه المناسبة يختلفون فيما يُخرج من البحر، يعني: ما يخرج من البحر قد تكون له أثمان، وأثمانه قد تكون مرتفعةً وغاليةً؛ كاللؤلؤ والمرجان، وكذلك العطبة، فهل تجب فيه زكاة؟ أو لا تجب فيه زكاة؟
أكثر العلماء -جماهير العلماء- يرون أنه لا زكاة فيما يخرج من البحر من أيِّ نوع كان، وبعض العلماء يوجب الزكاة في اللؤلؤ والمرجان والعطبة، والذين يقولون من أهل العلم بأنه لا زكاة في ذلك يستدلون بحديث:"ليس في العنبر زكاة"، والعنبر ما يُخرج من البحر.