للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المسألة أيضًا فيها خلافٌ في كل المذاهب، وهي تُعدُّ من جزئيات المسائل، ولذلك لم يذكر فيها إلا مذهب مالك.

ومع ذلك فهي مسألةٌ طويلةٌ، وفيها تفصيلٌ، وفيها تفريعاتٌ، فهذا الخفُّ الذي يُلبس على الخفِّ يسمونه بالجُرْمُوقِ، وقد اختلف العلماء ما المراد بالجُرْمُوقِ؟

اصطلح الفقهاء أن يسموه خفًّا، وقال بعضهم: هو ليس بخفّ في الحقيقة، وإنما هو أشبه ما يكون بالجورب المنعَّل الضخم، يعني: جورب وُضِع عليه جلد وهو واسع، فيدخل فيه الخف الملبوس.

والخفُّ الملبوس لا يخلو: إما أن يكون مخرَّقًا، أو غير مخرَّقٍ، فإن كان مخرقًا فيأخذ حكمَ ما لُبِسَ عليه.

فالشاهد هنا أنه لبس خفًّا على خفّ، فانتقل الحكم إلى الخفّ، ولو لبس آخر هل ينتقل الحكم أو يقف عند الأول؟

قوله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ: هَلْ كمَا تَنْتَقِلُ طَهَارَةُ القَدَمِ إِلَى الخُفِّ إِذَا سَتَرَهُ الخُفُّ، كَذَلِكَ تَنْتَقِلُ طَهَارَةُ الخُفِّ الأَسْفَلِ الوَاجِبَةُ إِلَى الخُفِّ الأَعْلَى؟ فَمَنْ شَبَّهَ النَّقْلَةَ الثَّانِيَةَ بِالأُولَى، أَجَازَ المَسْحَ عَلَى الخُفِّ الأَعْلَى، وَمَنْ لَمْ يُشَبِّهْهَا بِهَا، وَظَهَرَ لَهُ الفَرْقُ، لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ).

يريد أن يقول: هل هناك نقلة واحدة أو هي أكثر، فالحكم انتقل من الفرض، أي: الغسل إلى المسح فهنا حصل انتقال، كان الفرض غسل القدم، ثم بعد ذلك انتقل إلى المسح، فالنقل قد ثبت ولا شك، فهل ينتقل مرة أُخرى؟

الأصل هو كما قلنا: الفرض الذي هو الغسل، هذا نسميه أصل، والمسح على الخفين بدل، فهل لدى البدل من القوة ما يعطي الأصل فينتقل الحكم إلى آخر أو لا؟ فهذه المسائل يذكرها الفقهاء ويعرضون لها.

وهذه المسألة من المسائل التي تُبنى على الفهم، والمسائل التي لا يكون لها نصّ صريح أو لا تتسع رُقعة الخلاف فيها، وقد تتعدد

<<  <  ج: ص:  >  >>