للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن العشرون درهمًا لا تساوي شيئًا فهو يدفع شاتين.

* قوله: (وَإِنْ كَانَ أَعْلَى دَفَعَ إِلَيْهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ).

وإن كان الذي عنده أعلى من الواجب، فنفس الذي يأخذ الصدقة يدفع له الفرق، وهو رسول الإمام الذي يأخذ الصدقة؛ لأنه "لا ضرر ولا ضرار" (١)، فلو أخذ منه الأعلى تضرر، لكن لا مانع أن يدفع هو الأعلى إذا طابت نفسه بذلك، ومما يدل على أن للإنسان أن يدفع الأعلى إذا طابت نفسه بذلك قصة أبي بن كعب، عندما أرسله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليأخذ الصدقة، فَمَرَّ بصاحب إبل ليأخذ الصدقة، فأخبره أنَّ الذي وجب عليه هو بنت مخاض، فأخبره الرجل بأنه لا يوجد بين إبله ذات لبن ولا ظهر، فاختار له إبلًا سمينًا جدًّا ودفعه له، فتوقف أبي بن كعب -رضي اللَّه عنه-، وطلب من الرجل أن يذهب لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال له: إنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ليس ببعيدٍ عنك فاذهب إليه، فذهبا معًا إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فقصَّ الرجل على الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قصة ما دار بينه وبينه فأخبره الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ ما وجب عليه هي بنت مخاض، وهي التي ذكرها له أبي بن كعب، لكنه طابت نفسه ورضيت أن يدفع ما قدمه هو، وكان البعير سمينًا من أجود ما عنده، فقدمه إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدعا له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالخير والبركة (٢).


(١) أخرجه ابن ماجه (٢٣٤٠)، وصححه الألباني في "صحيح وضعيف سنن ابن ماجه".
(٢) أخرجه أبي داود (أبي داود (٢/ ١٠٤) وفيه: "عن أبي بن كعب، قال: بعثني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مصدقًا، فمررت برجل، فلما جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلا ابنة مخاض، فقلت له: أد ابنة مخاض، فإنها صدقتك، فقال: ذاك ما لا لبن فيه، ولا ظهر، ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة، فخذها، فقلت له: ما أنا بآخذ ما لم أومر به، وهذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- منك قريب، فإن أحببت أن تأتيه، فتعرض عليه ما عرضت علي فافعل، فإن قبله منك قبلته، وإن رده عليك رددته، قال: فإني فاعل، فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له: يا نبي اللَّه، أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي، وايم اللَّه ما قام في مالي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا رسوله قط قبله، فجمعت له مالي، فزعم أن ما علي فيه ابنة =

<<  <  ج: ص:  >  >>