للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابِ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ. وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ") (١).

فرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أوصاه ونبهه، وهكذا إذا أراد الوالي، أو المسؤول أن يرسل داعية في مجال الدعوة، أو في مهمة فإنه يوصيه بتقوى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويرسم له الطريق السوي الذي يسير فيه، والذي يجعل الناس يتقبلون دعوته، ويقبلون عليها، ويرغبون فيها، ولأنه لما كان سيذهب إلى أهل كتاب، ولديهم علم، وهم أهل جدل ونقاش، بيّن له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كيف يتعامل معهم، وهكذا كل داعية ينبغي في سبيل دعوته أن يكون سائرًا على منهج قويمٍ، وصراطٍ مستقيم، لا عوج فيه ولا انحراف.

* قوله: (فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ قَدْ تُوُفِّيَ -صلى اللَّه عليه وسلم-).

وفي مسند أحمد (٢) أنه أدركه وأخذ عنه، وهذا الذي ذكره المؤلف موجود في موطأ الإمام مالك، وعند البيهقي -رحمهم اللَّه- وعند غيرهم.

* قوله: (فَلَمَّا لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَصٌّ طَلَبَ حُكْمَهُ مِنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ).

نحن نقول جاء في الحديث التنصيص على ما تجب فيه زكاة الإبل، وسُكِت عن الباقي، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيّن أنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سكت عن أشياء رحمة بعباده (٣) فلا يسأل عنها، فإذا ما دامت الفرائض قد بُينت وسُكِت عنها،


(١) أخرجه البخاري (١٤٩٦)، ومسلم (١٩).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) أخرجه الدارقطني (٥/ ٣٢٥) وقال الألباني في "غاية المرام في تخريج أحاديث =

<<  <  ج: ص:  >  >>