للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول جمهور العلماء هو الصواب؛ لأن هذا هو الموجود في الآثار التي وردت في كتاب الصدقة، الذي أرسله أبو بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- إلى أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- عندما أرسله إلى البحرين، فإن فيه هذه التقديرات، وقد جاءت نصًّا في ذلك الكتاب الذي ذكرنا.

والعلماء يستنبطون وما يستخرجون من أحكام من هذه الشريعة؛ لأنها شريعة اللَّه الخالدة التي اختارها اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لعباده لتبقى إلى أن يرث اللَّه الأرض ومن عليها، حتى عيسى ابن مريم إذا نزل في آخر الزمان فإنه سيحكم في هذه الشريعة.

وينبغي للمسلم دائمًا ألا يقرأ أحكام الشريعة مجردة، اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في كتابه العزيز أمرنا أن نتدبره، وقال عزَّ وجلَّ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤]، ولا شكَّ أنَّ المؤمن عندما يتدبر كتاب اللَّه عز وجل ويكرر قراءته فإنه يزداد حلاوةً، وفي كل وقت من الأوقات تظهر له من الحكم والأسرار ما لم يظهر له قبل ذلك.

ولذلك نجد أنَّ الإمام العظيم الجهبذ شيخ الإسلام ابن تيمية، فإنه في أخريات حياته سجن، وفي آخرها منع من كل شيء، وذكر أنه فتح اللَّه عليه في أشياء، وأن مما فتح اللَّه عليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه وقت على أشياء في كتاب اللَّه عز وجل لم يصل إليها قبل ذلك، فالعلوم في كل وقت من الأوقات تأتي لنا بجديد، ونجد أن كتاب اللَّه عزَّ وجلَّ قد أشار إلى ذلك.

كذلك هذه العلوم التي تدرس، نجد أن هذه الشريعة لها أصل وفروع، فأصلها كتاب اللَّه عز وجل وسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، هذا أصل الثابت.

ثم تجد أن هذا الأصل له فروع: هذه الأغصان، وهذه الأغصان إنما تتغذى من هذا الأصل، فهذه العلوم التي تدرس من حديث وتفسير وفقه، أو من علوم الحديث ومن علوم التفسير، إنما هي في الأصل استمدت من كتاب اللَّه عز وجل إما نصًّا منطوقًا وإما مفهومًا مخالفًا، وإما أخذت من مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية.

ومن بين هذه العلوم: علم الفقه، هذا الكنز العظيم الذي خلفه لنا

<<  <  ج: ص:  >  >>