للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء، وهذا الفقه إنما هو يتكلم عن بقية أركان الإسلام الخمسة، فترون أن أعظم وأهم هذه الأركان الخمسة التي وردت في حديث جبريل وفي غيره، كحديث ابن عمر: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، وأنَّ محمدًا رسول اللَّه، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" (١).

ومن هنا نجد أنَّ بعض الفقهاء يقدم كتابه بمقدمة عن العقيدة؛ لأنها هي الأصل، هذه العقيدة التي ظل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينافح ويدعو إليها في مكة ثلاثة عشر عامًا، حارب الشرك والأنداد، ومسه من الأذى هو وأصحابه ما اللَّه به عليم، وأذن لهم بالهجرة إلى الحبشة، ثم بعد ذلك فتح اللَّه عليه فأتى إلى المدينة الطيبة.

نعود مرة أُخرى ونقول: حبذا لو أنَّ المسلمين في كل مكان تعمقوا في دراسة فقه الزكاة، وأدركوا لبها وغاصوا في عمقها، لوجدوا أنَّ فيها الحل لكثير من مشكلات هذا العصر، ففيها الحل لمشكلة الفقر.

هذه المشكلة التي تتكلم عنها كثير من المجتمعات، وعدد من المجتمعات استغل بعض أصحاب الفكر الهدام والمقاصد السيئة فرأوا عدم وجود عدل بين المجتمعات، فهناك طبقات عالية ودون ذلك، فهم يريدوا أن يكون الناس كلهم سويًّا، وهم بذلك يريدون أن يخالفوا حكم اللَّه، ونسوا أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو القائل: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: ٣٢]، ومع ذلك نجد أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أوجب الزكاة وحض على الصدقات، قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: ١١٤]، وقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣].

هذه الزكاة التي انفردت بها هذه الشريعة الإسلامية الخالدة، عندما


(١) أخرجه البخاري (٨)، ومسلم (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>