للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطبق تجد أن الفقر يختفي من المجتمعات، وإن وجد فهو قليل، فلو أن الأغنياء جادت أنفسهم بأداء هذه الزكاة، لكان -واللَّه- ذلك كما أشار إلى ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ حفظًا لأموالهم وصيانة لها.

فأداء الزكاة إلى جانب كونه فرضًا من فروض الإسلام، طاعة للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، واللَّه -تعالى- يقول: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩].

واللَّه -تعالى- هو الذي أوجب الزكاة، والذي حدد فرائضها وبينها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، واللَّه -تعالى- يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]، وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١].

واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يأمر إلا بمعروف ولا ينهى إلا عن منكر، لا يأمر إلا بما فيه خير للناس، ولا ينهاهم إلا عما فيه فسادهم وانحراف أمورهم وعدم استقامتها.

ليحذر الإخوة الذين وهبهم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مالًا، فيجب عليهم أن يشكروه ويتذكروا ما حصل لقارون، قال تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} [القصص: ٧٦]، قال في النهاية: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: ٧٨]، فخسف اللَّه به وبداره الأرض: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (٨٢) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣)} [القصص: ٨٢، ٨٣].

فالغني إذا أدى زكاته أطاع اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو عندما ينزل عند حكم اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يريد علوًّا في الأرض، وإنما هو استجاب لربه ولحكم رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وسيجد العاقبة الطيبة في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>