للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الزكاة ستحفظ لك مالك؛ لأنك أديت حق اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أطعت ربك، وما دمت قد أطعت ربك فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سيتولى حفظ مالك، سيصونه لك، سيجعل هذه الزكاة بمثابة سياج يطوقه ويحفظه من كل سوء.

كذلك هذا المال الذي تزكيه يحفظه اللَّه لك، نفسك تعودها على البذل؛ لأنك إذا أديت هذه الزكاة وإن كانت واجبة تعودت على البذل والسخاء، والجود، وزالت عنك صفة الشح والبخل، وصفة الشح والبخل إنما هما ذميمتان، والكرم والجود إنما هي من الصفات الحميدة التي أثنت الشريعة الإسلامية على أصحابها، والرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أجود من الريح.

كذلك فيها حفظ لنفسك أيها المؤمن، تبقى نفسك إلى جانب ذلك مطمئنة؛ لأنك إذا أديت ما وجب عليك تجد أن نفسك مرتاحة، وإذا أردت أن تعرف حقيقة الأمر فانظر إلى نفسك: متى ما أتيت إلى صلاة الفجر بخشوع وبذل وانقياد وأدركت الفريضة مع الجماعة، وبين وقت تتخلف فيها عن الجماعة، انظر إلى حالك في ذلك اليوم، ستجد أنك في ذلك اليوم الذي حافظت على الصلاة فيه وأديتها في وقتها ومع جماعة مطمئن النفس مرتاح الفؤاد منشرح الصدر، وتجد أن ذلك بالعكس عندما لو حصل تقصير، ولقد أدرك الصحابة والسلف الصالح رضي اللَّه عنهم جميعًا ذلك.

كذلك أيها المسلم، ألست تريد أن تعيش في مجتمع متآلف متحاب تسوده الأخوة، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (١).

وبيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أن "المومن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا" (٢).


(١) أخرجه البخاري (٦٠١١)، ومسلم (٢٥٨٦).
(٢) أخرجه البخاري (٤٨١)، ومسلم (٢٥٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>