للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طعمه أو ريحه" (١)، فجزء "الماء طهور لا ينجسه شيء". هذا الحديث صحيح، لكن كلمة "إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه" هذه الزيادة عند ابن ماجه وهي ضعيفة.

إذًا لماذا حصل اتفاق بين العلماء؟

لأنه قد حصل إجماعٌ على أنَّ الماء إذا اختلطت به نجاسة فبقي جِرْمها فيه بمعنى لونًا أو طعمًا أو كانت الرائحة موجودة، فإنها قد نقلته من صفة الطهورية والطهارة إلى أن أصبح نجسًا.

والماء كما هو معلوم طهورٌ، وهو الطاهر في نفسه المطهِّرُ لغيره، وطاهر وهو الطاهر غير المطهِّر، ثم نجس، وبعض العلماء يقصرهما على نو عين: طا هرٌ، ونجس.

والحنفية لهم خلافٌ مع جمهور العلماء لأنهم يرون أنَّ صيغة فعول (طهور) كصيغة فاعل لا تتعدى، والجمهور يردون عليهم بقول الله سُبحَانهُ وتَعَالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: ١١] فيقولون: هنا تعدَّى.

والخلاف هنا أقرب ما يكون إلى أنه لفظي، لأننا سواء قلنا: هو طاهر، يعني قسمنا الماء إلى طاهر ونجس، فالطاهر هنا سيقوم مقام الاثنين، أو قلنا: هما ثلاثة فهذا على أساس أنَّ الماء طهور وطاهر ونجسٌ، وقضية التقسيم ليست موجودةً فقط في مذهب الحنفية، وإنما هناك من العلماء في المذاهب الأُخرى من يأخذ بها.

قوله: (قَوْله تَعَالَى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: ١١] (٢)، وَقَوْلُهُ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣]).


(١) وفي معرفة السنن والآثار (١٨٤٦): عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "المَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَيْهِ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ".
(٢) يُنظر: "تفسير مقاتل بن سليمان" (٢/ ١٠٤)؛ حيث قال: " {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}؛ أي: من الأحداث، والجنابة".

<<  <  ج: ص:  >  >>