يعني: أنَّ الأساس في طهورية الماء هو قول الله سبحانه وتعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} يعني: ماء المطر {مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، وقوله تعالى:{وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ}، إلى آخر الآية [١١] التي في سورة الأنفال.
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي وردت في الماء، لكنَّ المؤلف وغيره من الفقهاء يقتصرون على الآيتين؛ لأنه ورد فيهما ذكر التطهير، قال تعالى:{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا (٤٨) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [الفرقان: ٤٨، ٤٩].
إذًا الآيتان اقتُصِر عليهما عند كثيرٍ من الفقهاء للتنصيص على الطهورية، لكن بعضهم يضيف إلى ذلك الآية التي هي آية الوضوء التي في آخرها:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}[المائدة: ٦]، وسيأتي ذكر الحديث الذي سيورده المؤلف.
من الأدلة من السنة:
قوله- عليه الصلاة والسلام- عندما سئل عن البحر: (إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال- عليه الصلاة والسلام-: "هو الطهور ماؤه الحلُّ ميتته".
فترى أنَّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يقتصر في إجابته على سؤال السائل، بل أجابه عن ما أشكل واستشكل وسأل عنه، وأضاف إلى ذلك أمرًا إن لم يكن أهمَّ منه فلا يقلُّ أهمية عن ذلك من حيث الجهل به؛ لأنَّ الإنسان إذا جهل حكم ماء البحر فأولى به أن يجهل حكمَ ميْتَةِ البحر، ولذلك الرسول -عليه الصلاة والسلام- رفع عنه هذا الإشكال وقال:"هو الطهور ماؤه الحل ميتته".