للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ (١): الخَرْصُ بَاطِلٌ، وَعَلَى رَبِّ المَالِ أَنْ يُؤَدِّيَ عُشْرَ مَا تَحَصَّلَ يَدُهُ، زَادَ الخَرْصُ أَوْ نَقَصَ مِنْهُ).

قالوا: بأن الخرص باطل؛ لأن أحكام الشريعة الإسلامية إنما تقوم على اليقين، أما الخرص فيه تخمينٌ وظن، وهذا التخمين والظن لا ينبغي أن يترتب عليه حكم من الأحكام، ولا أن يتقرر حكمٌ من أحكام هذه الشريعة.

وعلى هذا إذا سُئل الحنفية لماذا جاء الخرص؟ قالوا: الخرص الذي ورد في ذلك قُصد به النماء وردع الأجراء؛ أي: الذين يشتغلون في المزارع؛ لأنه ربما لو لم يأتِ الخارص فيخرص عليهم ربما يتصرفون بشيءٍ من الثمار والحبوب، فيخفونها، فجاء الخارص ليقدر ذلك تقريبًا، لكن لا ينبغي أن يترتب عليه حكم.

والخرص ليس واجبًا وإنما هو جائز، وإنما الخلاف في جوازه؛ هل يترتب عليه حكمٌ أم لا؟

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِ الخَرْصِ: مُعَارَضَةُ الأُصُولِ لِلْأَثَرِ الوَارِدِ فِي ذَلِكَ؛ أَمَّا الأَثَرُ الوَارِدُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الجُمْهُورُ).

إذن ورد في ذلك عدة آثار (٢)، والمؤلف يتجاوز فيُطلق على الحديث الأثر وهذا جائز.


(١) يُنظر: "فتح القدير"، للكمال بن الهمام (٢/ ٢٤٥)؛ حيث قال: "قال الإمام: يجب عليه عشر ما أكل أو أطعم، ومحمد يحتسب به في تكميل الأوسق؛ يعني: إذا بلغ المأكول مع ما بقي خمسة أوسق يجب العشر في الباقي لا في التألف، وأما أبو يوسف فلا يعتبر الذاهب بل يعتبر في الباقي خمسة أوسق إلا أن يأخذ المالك من المتلف ضمان ما أتلفه فيخرج عشره وعشر ما بقي".
(٢) يُنظر: "النكت على كتاب ابن الصلاح"، لابن حجر (١/ ٥١٣)؛ حيث قال: "والأثر في الأصل العلامة والبقية والرواية، ونقل النووي عن أهل الحديث أنهم يطلقون الأثر على المرفوع والموقوف معًا، ويؤيده تسمية أبي جعفر الطبري كتابه "تهذيب =

<<  <  ج: ص:  >  >>