للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الساعي لم يظلم الرجل فقال: "إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ يَزْعُمُ أَنَّكَ زِدْتَ عَلَيْهِ" فأخبره ما فعله فبيَّن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ما ظلمه وإنما أعطاه حقه وزاد على ذلك.

* قوله: (وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا خَرَصْتُمْ، فَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِن لمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ، فَدَعُوا الرُّبُعَ").

هذه أيضًا من حكم هذه الشريعة العظيمة: "إِذَا خَرَصْتُمْ فَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ" (١)؛ ولذلك قال بعض العلماء (٢) ممن يرون الترك خلافًا للشافعية: لو جاء الخارص فخرص جميع النخل أو جميع أشجار العنب؛ فإن للمالك أن يأكل إلى حد الربع أو الثلث.

لماذا حض الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- على هذا: "إِذَا خَرَصْتُمْ فَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ"؟

لأن هذا البستان فيه حقوق متعددة، فالرجل بحاجة هو وأهله أن يأكلوا، وربما يأتيه صديق له فيعريه نخلة من النخيل أو أكثر فيتمتع بها، وربما يطرقه الضيوف، والضيف -كما تعلمون- له حق، والطير له حق، والإنسان الذي يمر به أيضًا له حق، وهذه الرياح التي تهز الأشجار فتسقط شيئًا منها تذهب عليه شيئًا ثم تأتي الزكاة بعد ذلك، فهذه الشريعة العظيمة نجد أنها دائمًا تُراعي حقوق الناس؛ فهي لا تُرهق (٣) الغني ولا تهضم (٤) حق الفقير، بل هي دائمًا دين وسط كما أن هذه الأمة هي أمة وسط.

وجاء في بعض الروايات: "إذا خرصتم فخذوا" (٥)؛ أي: خذوا


(١) سبق تخريجه.
(٢) تقدم.
(٣) الرهق اسم من الإرهاق، وهو: أن يحمل عليه ما لا يطيقه. انظر: "تهذيب اللغة"، للأزهري (٥/ ٢٥٩).
(٤) الهضم مثل الهشم ومنه: هضم حقه: نقصه، وتقول للغريم: هضمت لك من حقي طائفة؛ أي: تركتها لك وكسرتها من حقي. انظر: "المغرب في ترتيب المعرب"، للمطرزي (ص ٥٠٥).
(٥) أخرجه أبو داود (١٦٠٥)، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>