للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والراجح: ولا شك وهو الأقرب إلى روح الشريعة هو ما أخذه الجمهور وهو أحوط في هذه المسألة؛ يقول: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (١).

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ الزَّكَاةُ عِبَادَةٌ أَوْ حَقٌّ وَاجِبٌ لِلْمَسَاكِينِ؟).

قوله: "هَلِ الزَّكَاةُ عِبَادَةٌ أَوْ حَقٌّ" لا خلاف في أن الزكاة عبادة؛ لكن هل هي عبادة معلَّلة أم غير معللة؟ لا شك أن الزكاة عبادة معللة؛ لأن اللَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هو الذي تولى بيان مصارفها؛ أي: الذين تُصرف فيهم {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] إلى آخر الآية؛ فهي عبادة، لكنها عبادة فيها حق للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وحق للمساكين، وهي قربة، فينبغي أن نقف فيما ورد به الشرع فيما يتعلق بها، وليس الأمر كما ذكر المؤلف أهي عبادة أم غير عبادة، فلا يقول أحد بأن الزكاة ليست بعبادة؛ لأن الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي التي تلي الصلاة؛ أي: الفرع الثاني من فروع هذه الشريعة.

* قوله: (فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا عِبَادَةٌ، قَالَ: إِنْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الأَعْيَان لَمْ يَجُزْ).

أما إن أراد هل هي عبادة محضة أو غير ذلك: فربما يلتمس له، وعبادة محضة بمعنى أنها خالصة للَّه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ليس فيها حق لغيره فربما نتأول كلام المؤلف على ذلك، وكان ينبغي أن تقيد بـ (محضة)، نقول: إنها عبادة فيها حق للمخلوق، وهي عبادة للَّه.

ولذلك مما يدل على أنها عبادة وأنها محل اتفاق وهذا أمر


(١) جزء من حديث أخرجه الترمذي (٢٥١٨) عن الحسن بن علي، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>