للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خلاف فيه أصلًا، ولا أظن المؤلف يقصد ذلك وإنما ربما فيه تقصير في العبارة أو ربما له تأول يتأوله؛ إذ يشترط العلماء فيها النية، فمن يريد أن يزكي يشترط النية (١)، إلا في حالة يقول العلماء: يجوز إذا أخذها الإمام منه قسرًا؛ أي: إذا أخذت منه بالقوة (٢)، وتعلم أنه مر في تاريخ الإسلام فِرق ظهرت وكانت لها سلطة فأخذت الزكوات وغيرها بقوة فلا يستطيع صاحب المال أن يمنعها، وأجاز العلماء ذلك، ورأوا أنها كافية؛ فعندما تؤخذ منه بالقوة يقول العلماء: تسقط عنه النية، لكن أن يخرجها برغبة منه فالنية شرط فيها؛ لأنها عبادة من العبادات، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول في الحديث الصحيح: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (٣).

والزكاة أيضًا صدقة: والصدقة إما صدقة مفروضة، وهي هذه الزكاة، وإما صدقة مفروضة أخرى، وهي زكاة الفطر، وإما صدقة سنة ومستحبة ألا وهي الزكاة غير الواجبة، فالذي يميز هذه العبادات هي النية، كما تكلمنا هنا في مباحث الطهارة وفي مباحث الصلاة بأنه إنما شُرعت النية لتمييز العبادات عن العادات ولتمييز العبادات بعضها عن بعض فنميز الفرض عن غير الفرض.


(١) لمذهب الحنفية، يُنظر: "فتح القدير"، للكمال بن الهمام (٢/ ١٦٩)؛ حيث قال: "ولا يجوز أداء الزكاة إلا بنية".
ولمذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الدسوقي" (١/ ٥٠٠)؛ حيث قال: "ووجب على المزكي نيتها؛ أي: نية الزكاة عند عزلها أو دفعها".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب"، لزكريا الأنصاري (١/ ٣٥٨ - ٣٥٩)؛ حيث قال: "في النية وهي ركن على قياس ما فى الصلاة وغيرها فقوله: تشتر؛ أي: تجب كما عبر به الأصل: نية زكاة المال".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٤٤٧ - ٤٤٨)؛ حيث قال: "ويشترط لإخراجها؛ أي: الزكاة نية".
(٢) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٤٧٨ - ٤٧٩)؛ حيث قال: "وإن أخذها الإمام منه قهرًا أجزأت من غير نية".
(٣) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>